د.ثريا العريض
قبل يومين كان 14 فبراير وهو يوم اتفق العالم على الاحتفال به كيوم الحب، يتسابق فيه الناس إلى إعلام من يحبون بأنهم يحبونهم.. وهذا لا يعني حباً مقتصراً على الجنس بين ذكر وأنثى، بل يشمل كل أنواع الحب كما بين الأم والأب وأبنائهم.. والأصدقاء والزملاء.
اليوم الذي اتفق العالم بتخصيصه للاحتفاء بالحب والتعبير عن مشاعرهم لأحبائهم بهدية رمزية. ومن حقوق الإنسان حق التعبير عن مشاعره على ألا يضر بالآخرين.
الحب شعور جميل, وقيمة حياتية مهمة يحض عليها كل الأديان بدءاً بالعلاقة الحميمة بين الأم وأطفالها, إلى تفصيل تعامل الزوجين بالمحبة والرحمة والمودة والرقي بمشاعرنا إلى محبة الله والحرص على القيام بما يرضاه.
أي أن الحب علاقة سامية راقية أساسها احترام الآخر. وصحيح أن الحب بهذا المعنى السامي لا يختزل في بطاقة معايدة أو باقة زهور أو علبة شوكولاتة أو قطعة حلي. ولكن كل هدية تعبر عن الود والمحبة والاحترام لها أهميتها: تهادوا تحابوا منطلق سليم لها. وأهمية التهادي في تذكير الإنسان أن التعبير عن العلاقات الإيجابية أهم من ترسيخ العلاقات السلبية.. الإيجابية تبني وشائج المجتمع والسلبية تهدمها.
وأول العلاقات الإيجابية هي الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة والمجتمع والفرد ومنفذ القانون. وهو حق من حقوق الإنسان بغضّ النظر عن تفاصيله المشتركة مع الآخرين أو تفرّده بصفة ما.
حقوق الإنسان المتفق عليها معروفة بكل اللغات. ترتبط بحق الحياة الكريمة وحق التمتع بالحرية وحق المساواة في الحقوق والمسؤوليات بالآخرين. وكلها منصوص عليها في الأنظمة الرسمية.
ولكن البشر معروفون أيضاً بتجاوز الأنظمة وخرق حقوق الآخرين. ومن هنا تأتي القضايا الحقوقية.. بعضها تسجيل صادق للأحداث السلبية , وبعضها مسخر إعلامياً كوسيلة توصل لأغراض أخرى, غالباً سياسية.
ولذلك فقضايا حقوق الإنسان في العالم كله لا تغيب عن الاهتمام الإعلامي.. ولكل بلد ومجتمع قضاياه الخاصة، بالإضافة للقضايا العامة التي يشترك فيها الجميع من حيث طلب المساواة في الحقوق الإنسانية وحقوق المواطنة ؛ فما هي قضايانا؟
على رأسها يأتي ما يتعلق بعدم التفرقة أو التمييز العنصري في التعامل مع أي فرد مجتمعيا أو رسمياً لأي سبب أو تصنيف فكري أو فئوي. من ذلك على المستوى الأسري حق حماية الضعيف من الأذى والتسلط من ولاة أمرهم والأقارب المتمكنين؛ وعلى مستوى التعامل المجتمعي معاملة المرأة والعمالة والأطفال برقي وحمايتهم من الظلم والتحرش واستلاب الحقوق المشروعة كالميراث والأجر والأمان الجنسي؛ وعلى المستوى الرسمي حق المواطنة والمساواة والانتماء والتعبير عن الرأي والأمن والحماية والخدمات العامة.
القوانين تسن لحماية حقوق الإنسان, وليس لمنعه من الحصول عليها. والمواطن الواعي يحترم ويلتزم القانون الذي وضع ليحميه وليس الذي وضع للتحكم فيه. ومتى ما زاد النوع الثاني زادت محاولات التمرد.
ويبقى أقل حق من حقوق الفرد أن يشتري ما يريد ليهديه لمن يريد.. أما فرض ألا تشتري زهراً طبيعياً بلون معيّن, أو تلبس لوناً بعينه في يوم بعينه, فقط للتأكد أنك ملتزم بمحبة الله, ومعاقبة من يفعل ويشتري ويبيع ويهدي، فهو إساءة فهم لمعنى الحب والاحترام , واختراق لمبدأ حقوق الإنسان معلق على مشجب خصوصية افتراضية.
دعوا الناس يعبّرون عن مشاعرهم الإيجابية فالود ليس جريمة. وأساس بقاء المجتمع سليماً هو المشاعر الحبية والاحترام والتعامل الإيجابي. وإذا كان يوم 14 فبراير هو يوم احتفال العالم بالحب, فلنجعل كل يوم من أيام حياتنا يوماً لاحترام حقوق الإنسان.