فوزية الجار الله
لست بحاجة إلى وصف الماء أو الهواء كي تعرفه جيداً في مرحلة من مراحل عمرك، وهكذا بعض المشاعر والأحاسيس الإنسانية لست بحاجة إلى خبرة كي تعرفها أو تتعرف إليها فهي تعلن عن نفسها من خلال تاريخها مع الإنسان ومن خلال ما تحدثه من أثر حولك لمن تصيبه أو تفجعه أو ربما تخاتله، أحد تلك المشاعر ذلك القطع أو الجرح الحارق الذي يحدثه حد قاطع سواء لحد الشفرة أو السكين المعالجة بالحديد أو بأحدث الوسائل الحديثة حتى أصبحت رفيعة مثلما الشفرة، قاطعة بطرفة عين كي تطفئ الحياة بلحظة «اللهم لطفك» وهكذا هي السكين أو الشفرة تبدو مخيفة، لست بحاجة إلى خبرة كي تدرك أثرها لكن الخبرة تضاعف هذا الإحساس وتكثفه وتجعله ما بين عينيك وسمعك وكافة حواسك، وربما واجه ذلك كثير منا، إن لم تكن الأغلبية الساحقة، في مرحلة الطفولة والشقاوة، أو ربما ساعة حادث لم تتوقعها مثلما حدث لي ذات براءة طفولية، لا أنسى ذلك القطع الذي أحدثته الشفرة في طرف أصبعي، كان ألماً لا يوصف جعلني أستعيده وأتذكره بعمق حيث تنتابني رعشة في كافة أنحاء جسدي ابتداء من أطراف أصابعي حتى آخر شعرة في رأسي كلما تناهى إلى سمعي كلمة (شفرة) أو حين أراها متألقة أمامي بصورة واضحة على صفحة مجلة أو على شاشة التلفاز، لماذا أحدثكم عن الشفرة والسكين؟!.. لأن ذلك الوصف هو المتمثل في حد السيف المخيف الذي تم وصف الوقت خلاله (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)، عبارة تقليدية في رأيي الآن تبدو قاصرة جداً عن وصف ذلك الإحساس بمضي الوقت وضياعه هدراً دونما عمل، أو حلول موعد ما وأنت لم تنجز ما ينبغي لك إنجازه، أو لم ينجز أحدهم لك خدمة تنتظرها أنت. وأيضاً من أسوأ المشاعر حلول موعد الامتحان على سبيل المثال دون إتمام مذاكرة المادة المطلوبة إن كنت طالباً، تلك خبرة لا تنسى، بالنسبة لي أصبحت كابوساً يطاردني ما بين الفترة والأخرى إذا ما أويت إلى فراشي ببعض العثرات والخيبات التي بقيت تطوف برأسي وكانت سبباً لأرقي والحمد الكثير لخالق الكون أنها حالة عابرة لا تدوم.
** بعيداً عن ذلك الجدل المتصاعد ما بين الفترة والأخرى بين المعارضين والمؤيدين لعيد
الحب (فالنتاين)، الحب ليس بحاجة إلى مناسبة كي يتخذ له موقعاً في القلب أو يجد متكأً في عبارة أو كتاب أو قصيدة، الحب إحساس جميل بحاجة إلى الصدق ثم الصدق عندها ليس بحاجة إلى صرخة أو شهقة لتأكيده وإنما سيظهر عفوياً تلقائياً بصورة سلوك جميل أو خلق عفيف أو لمسة عذبة أو ابتسامة نقية حانية.