عبدالحفيظ الشمري
احتفى العالم مع هيئة الأمم المتحدة يوم السبت الماضي الموافق 20 من شهر فبراير بـ»اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية» وهو يوم يُجمع فيه سكان الأرض على أهمية العدالة، ودورها في بناء جسور من الألفة والترابط والتعاون بين الأمم، من أجل تكامل إنساني يؤهل الفرد لكي يكون عضوا نافعا في المجتمع المحلي، ثم ينطلق نحو بناء يدعم جهود المنظمات العالمية لبناء عدالة متكاملة، يعيش فيها الناس بلا مثبطات، أو إخفاقات يمكن أن تعيق هذا التكامل.
فاليوم العالمي للعدالة الاجتماعية هو خطوة أولى في الاتجاه الصحيح من أجل التعريف بدور الإنسان في صياغة مجتمعه بعيداً عن هيمنة التسلط، ونفوذ القوى التي لا تؤمن إلا بالتبعية، وإذلال البشر على نحو ما يحدث الآن في سوريا، حيث يغيب الجانب الإنساني والاجتماعي، وتنعدم العدالة في أبسط بنودها، وهذا ما ينسحب على تجارب عربية وعالمية أخرى؛ تعايش هذا الأسلوب المتسلط الذي قد يبدد أي حلم للعدالة الاجتماعية، وبناء الإنسان، وصيانة حقوقه.
فمشروع «العدالة الاجتماعية» يمكن له أن ينجح في مجتمع ما ويخفق في آخر، وسر نجاحه أو فشله يكمن في حجم ما يمكن أن يقدم للمجتمع من أساسيات وضرورات حياة، تسمح له أن ينطلق من خلالها في بناء ذاته.. ومن أبرز هذه الضرورات وأهمها هي: الغذاء، والدواء، والتعليم، ومحاربة الفقر والطبقية، ومناهضة التسلط والهيمنة على حياة الناس.
ففي هذا اليوم تشير مراكز البحوث في مجال المجتمع ومن خلال منظمة الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني وعلى مدى عقود أن «الفقر» مسئول عن أكبر فجوة تحدث بين المجتمعات، مما قد يتسبب في قطيعة أليمة بين الشعوب، فيفقد التعايش السلمي والتكامل الإنساني دوره وقيمه، أي أن يكون الفقر - بداهة - معول هدم للقيم الإنسانية لاسيما مع غياب التعاون والتكامل الاقتصادي بين الشعوب.
وكثيرا ما تشير بوصلة هذه البحوث والدراسات الميدانية إلى أن هناك خطر دائم وقائم يتهدد الإنسان، ويغيب العدالة الاجتماعية وهو تفشي العنصرية والطبقية، وعودة بعض الممارسات التي كنا نتوقع أنها غابت واندثرت منذ زمن لكن للأسف تعاود ظهورها وإن كانت بمستوى فردي، إلا أنها تشير إلى أن هناك فرصة - لا قدر الله - لعودة مثل هذه الممارسات، ولا يمكن القضاء عليها، أو محاربتها إلا بإرساء قواعد العدالة الاجتماعية التي تتمثل في صيانة حقوق الفرد، وبناء المجتمع، وتقديم الخدمات الضرورية له.
فالملفت في احتفاء هذا العام حول «العدالة الاجتماعية» أنها تأتي في ظل الحالة الاقتصادية الخانقة، مع تفاقم المشكلات وتزايد الحروب، وتراكم الوعود من قبل الرعاة والداعمين للمشروع الإنساني الذين تكثر وعودهم في كل عام، وفي هذه المناسبة على وجه التحديد، إلا أنه ومع هذه الاحتفالات تصبح هذه الوعود - للأسف - قبض الريح.
فكلما رفضنا التعصب، وحاربنا العنصرية بأنواعها، وكشفنا زيف الطبقية، وطغيان الفرد المتسلط على المجتمع، وقاومنا محاولات تغييب وعي الإنسان واضطهاده فإن العدالة الاجتماعية ستؤسس لها مكانا مناسبا.. فيمكن لنا مستقبلا أن نحتفي بيوم العدالة الاجتماعية ونحن أكثر هدوء، وأقل توتر، مما قد تؤول إليه حياتنا المعاصرة.