عبدالله العجلان
تابعت واستمتعت بالحوار الشامل الذي اجراه الزميل تركي العجمة مع الرئيس العام لرعاية الشباب الامير عبدالله بن مساعد، لم يشدني في حديث سموه فقط وضوحه وشفافيته وإلمامه بمشاكل الرياضة السعودية والحلول المناسبة لها وتطوير ادارتها وممارستها، وانما ابهرني بفكره الاداري المدعم بالحقائق والارقام، وكذلك نظرته الايجابية للمرحلة الحالية والقادمة في ظل الركود الاقتصادي الشامل وانعكاسه على مختلف القطاعات بما فيها الرئاسة العامة لرعاية الشباب..
هو لم يبرر او يتذرع بالظروف الراهنة كما فعل غيره في الكثير من الوزارات والادارات الحكومية، بل قدم درسا في المحافظة على المال العام واملاك الدولة، وشرح بهدوء وبالارقام وبطريقة عملية كيفية الاستفادة منها دون التأثير على جودتها ومستوى مخرجاتها، وضرب مثالاً على ذلك توفير ما يقارب (19) مليار ريال من اصل (23) ملياراً كانت مخصصة لبناء (11) استاداً في مناطق المملكة، والاكتفاء فقط باربعة مليارات بالاضافة الى الاعتمادات الخاصة بالرئاسة لاستكمال المنشآت الحالية المنتشرة في سائر مدن المملكة وتحسينها وزيادة مرافقها..
لا أجامل اذا قلت ان فكر الامير عبدالله هو ما نحتاجه في هذا الوقت الحساس، وفي زمن ملك الحزم وفي مرحلة البناء التنموي والاقتصادي بقيادة سمو الامير محمد بن سلمان عبر برنامج التحول الوطني، كما لا أبالغ لو طالبت المسئولين القياديين بمشاهدة الحوار والاستفادة من رؤيته في إيقاف فوضى الادارة المالية للاجهزة الحكومية واستبدالها بالعمل بمبدأ (كفاءة الانفاق) بحيث تصرف الاعتمادات المالية السنوية على ما هو ضروري ومفيد، وليس الصرف لمجرد توزيع الارقام المقررة في الميزانية.
العجيب والمريب انه في الوقت الذي توقعنا ان يجد حديث الامير عبدالله بن مساعد اصداء اشادة او بالاصح لغة انصاف لمضامينه وتحليل ابعاده وايضا انتقاده اذا كان هنالك ما يستحق الانتقاد، رأينا البعض يكابر ويعاند والأبشع من ذلك يهاجم ويشكك في اهدافه، الامر الذي يفسر ويؤكد حقيقة ان مثل هؤلاء المأزومين قد أخذوا على عاتقهم مهمة تشويه صورته والإساءة اليه بلا دليل ملموس او سبب مقنع يبرر الحرب عليه منذ اليوم الأول الذي اصبح فيه رئيسا عاما لرعاية الشباب، وفي هذا الشأن ولايقاف هكذا عبث صبياني لمتعصبين لا يحترمون مهنتهم ولا يدركون خطورة تلاعبهم أكرر ما قلته سابقاً عن ضرورة ان يتخذ الأمير موقفا قانونيا صارما يمنعهم من الاستمرار في تطاولهم والتمادي في قلة أدبهم.
تتدهور أكثر !
جسدت الجولة الأخيرة من الدوري حقيقة وواقع كرتنا السعودية، (الهلال) بطل كأس ولي العهد قبل أسبوع واحد فقط ومتصدر الدوري يظهر أمام الاتحاد بمستوى مغاير تماماً لبطولته وصدارته، الأهلي وصيف الهلال في البطولتين ودوري الموسم الماضي قدم هو الآخر امام نجران المكافح أداء يكشف حجم معاناته فنيا واداريا، اما النصر فحكايته حكاية وعودته للمركز السابع بعد ان كان بطلا للدوري في الموسمين الأخيرين مؤشرا صريحا لانهياره واثبات بما لا يدع مجالا للشك عن حقيقة انتكاسته، التعاون الرائع اكمل الناقص وخذل جماهيره بالخسارة من الخليج بعد مستوى دفع الكثير من المتفائلين الى إعادة النظر في إمكانية مواصلة تألقه ومزاحمته للكبار على المراكز المتقدمة.
ما رأيناه هو امتداد لجولات ومواسم واستحقاقات محلية وخارجية اندية ومنتخبات، جميعها تدل على اننا بعيدون تماماً عن معنى وقيمة وابجديات الاحتراف، لا مهارات ولا مواهب ولا انضباط ولا انتماء ولا احترام للعقود، قد يتفوق مؤقتاً وفي مناسبات متفاوتة من يملك لاعبين غير سعوديين متميزين أو من يتمتع افراده بالقتالية والحماس والروح العالية، حتى الهلال الذي كان ومازال المنافس الدائم على كل البطولات لم يعد فريقاً مقنعاً يمكن ان تثق به او تراهن عليه في المواجهات السهلة فضلاً عن الصعبة الحاسمة التي فقد خلالها العديد من البطولات المحلية والآسيوية.
ستظل كرتنا تعاني ولن تقف عند هذا الحد وانما ستغرق أكثر قريباً في بحر من المشكلات الفنية والإدارية والمالية طالما ان بيئة اللاعب والنادي تفتقد لثقافة الاحتراف وتتعامل مع الفزعات والولاءات والعواطف وتستسلم للضغوط والتدخلات بدلا من ان تحكمها وتضبطها الأنظمة والقوانين والقرارات العادلة التي لا تعترف باستثناء هذا ومجاملة ذاك.