عبدالله العجلان
كتبت الأسبوع الماضي في بداية التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال فرنسا 2017م لكرة اليد في البحرين، وكذلك تصفيات المنتخبات الأولمبية المؤهلة لأولمبياد ريو دي جانيرو 2016 م في الدوحة، عن الفارق الكبير بين اتحادي اليد والقدم، وأن الأول يدار بتألق ونجاح، والآخر بتخبط وفوضى إدارية. اليوم ها هي نتائج المنتخب الأولمبي لكرة القدم ومنتخب اليد تثبت صحة ما ذكرته. ففي الوقت الذي يخفق فيه أولمبي القدم، ويعجز ليس فقط عن التأهل للدور الثاني، وإنما عن تحقيق أي انتصار في مجموعته، نجد في المقابل منتخب اليد يواصل تفوقه وتميزه، ويهدي الوطن بطاقة التأهل للمونديال بمستوى مبهر وبنتائج مبهجة لأبناء الوطن بوجه عام..
على العكس تماماً من ضعف اتحاد القدم، رأينا اتحاد اليد يتطور بسبب انضباطية وقوة إدارته؛ وهو ما جعلني أتوقع مبكراً نجاحه في مقال كتبته تحت عنوان (اتحاد يد من حديد) بعد قراراته الرادعة الحازمة في منتصف عام 2014 م، التي أسفرت عن معاقبة عدد من الفرق بالهبوط إلى دوري الدرجة الأدنى، في حين كان اتحاد القدم وقتها يقف عاجزاً عن اتخاذ أي عقوبة بحق فرق ومسؤولين ولاعبين اتهموا أطرافاً أخرى بالتلاعب بالنتائج والرشاوى والتزوير، وكذلك الكثير من التصريحات والأطروحات التي تمس كرامة وآدمية ونزاهة البشر، ومرت على اتحاد القدم مرور الكرم، وكأن اتهامات خطيرة وفاضحة لم تكن..!
أعود وأكرر ما كنت أقوله دائماً: فتش عن الإدارة في أي اتحاد أو لجنة أو جهاز أو مؤسسة أو وزارة.. ضع المدير المناسب في المكان المناسب، وانتظر منه أفضل النتائج. لا يهمك من يبحث عن أعذار ومبررات لتغطية فشله. هذا النوع هو من حطم آمالنا وعطل الكثير من المشاريع والخطط والأفكار، في حين أن المدير الناجح يلتزم بواجباته، ويهتم بمسؤولياته، ويضبط الأداء، ويوفر البيئة والأجواء المنتجة لموظفي ومنسوبي إدارته.. يقلب الظروف المثبطة إلى محفزة داعمة مشجعة.. يتعامل مع مبدأ الثواب والعقاب بلا تمييز أو تصنيف أو مصالح شخصية..
في رياضتنا السعودية هناك ألعاب تغط في سبات تدهورها، غائبة عن أي منجز عربي أو قاري أو عالمي أو حتى خليجي، ضائعة في مسابقاتها وبطولاتها وطريقة أداء اتحاداتها، كان لها فيما مضى صيتها وحضورها وإثارتها وصولاتها وجولاتها على مستوى الأندية والمنتخبات، أما اليوم فوجودها مثل عدمها. من جديد نقول: ابحث عمن يديرها؟ وكيف اختيرت اتحاداتها؟ الأسوأ من هذا من يحاسبها على أخطائها وفشلها وتشويهها لسمعة ومكانة وتاريخ الرياضة السعودية؟!
إذا أردت أن تكتشف سر نجاح القليل من اتحاداتنا الرياضية فاعرف أولاً من يرأس اتحاد القوى والفروسية واليد والكاراتيه، وإلى حد ما الطائرة. هذه الاتحادات تدار برؤساء وأعضاء وعقول خبيرة متحمسة مؤهلة قادرة على الارتقاء باللعبة، تنصفها نتائجها ومنجزاتها في المحافل العالمية والقارية قبل العربية والخليجية؛ لذلك، ولإيقاف نزيف الفشل المتسارع، وقبل الوقوع في النتائج الكوارثية والمستويات الهزيلة المهينة في الاستحقاقات القادمة، أتمنى من اللجنة الأولمبية السعودية البدء في إعادة تقييم الاتحادات الرياضية، ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، وتحديداً في جانب قياداتها الإدارية، والابتعاد عن المجاملات والأهواء والمحسوبيات في مثل هذه المواقع الحساسة والمؤثرة على رياضة الوطن.
هنيئاً للوطن وللرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد، شكراً لاتحاد كرة اليد، لرئيسه البارع الخلوق الأستاذ تركي الخليوي، ولزملائه الأعضاء، وللنجوم الأبطال، وللجهازين الفني والإداري، وللأندية التي أبدعت وساهمت في صناعة وصياغة منتخب الذهب.
وعند العراقي الخبر اليقين!
أصدر الاتحاد العراقي لكرة القدم مؤخراً قراراً يقضي بإيقاف اللاعب الدولي المحترف في فريق الاتحاد السعودي سيف سلمان، ومنعه من تمثيل المنتخبات الوطنية مدى الحياة؛ وذلك لرفضه الجلوس احتياطياً في لقاء العراق والإمارات في التصفيات الأولمبية المقامة حالياً في قطر. وقال رئيس الاتحاد العراقي عبدالخالق مسعودي: لقد أصدرنا قرار حرمانه مدى الحياة من تمثيل المنتخبات الوطنية العراقية؛ كون منتخب الوطن شرفاً لكل شخص، وعلى الجميع تقبل قرارات الكوادر التدريبية.
تذكرت وأنا أقرأ القرار تلك العقوبة المضحكة التي أصدرها الاتحاد السعودي ضد اللاعبين الدوليين فهد المولد وشايع شراحيلي وعبدالفتاح عسيري، المتمثلة بإيقافهم ثلاثة أشهر، هي نفسها التي يكون فيها المنتخب متوقفاً عن أية مشاركة، أي أنها عقوبة للاستهلاك مع وقف التنفيذ، رغم فداحة المخالفات التي ارتكبوها، وفي توقيت وظروف كانت صعبة وحساسة. أقول تذكرتها وقارنتها بعقوبة الدولي العراقي سيف سلمان. علماً بأنه برر طلب جوازه ليس احتجاجاً على جلوسه احتياطياً وإنما لمرض ابنته. وفي الوقت ذاته تبيّن لي لماذا تألقت المنتخبات العراقية في عز مشاكلها وأوضاعها الأمنية والسياسية؟..
من جديد نقول: عند الإدارة بقوة وانضباطية الخبر اليقين، وبدونها سنظل ننفخ بقربة مشقوقة..!