عبدالله العجلان
المنتخبات بدرجاتها وفئاتها، نجاحها وفشلها هي في النهاية نتاج عمل ومستوى فكر وإدارة اتحادها المسؤول عنها، في الأيام الماضية رأينا في البحرين والدوحة عبر منتخبي اليد الأول وكرة القدم الأولمبي الفارق بين اتحادي اليد والقدم، الأول يقدم من جديد نموذجاً حياً لمعنى وقيمة وحقيقة تميز إدارته، أما الآخر فيثبت للمرة الألف عجزه وإخفاقه وأنه يدار بلا منهجية وبمزاجية هبطت بكرة القدم السعودية إلى تصنيف لا يليق بمكانتها وتاريخها ومنجزاتها..
ما قدمه المنتخب الأولمبي في مباراتي تايلاند وكوريا الشمالية يجسد الواقع المرير لكرتنا السعودية، ووصولها إلى مرحلة مخيفة تنبئ عن مستقبل أكثر سوءاً، في وقت يتطور ويتقدم فيه غيرنا، وهذا كله مثلما ذكرت يمثل نتاج عمل الاتحاد ليس على صعيد المنتخبات ، بل في كل قراراته ومستوى إدارة لجانه، بدليل قراره المضحك العجيب بتوقف دوري جميل للكبار لمشاركة المنتخب الأولمبي في بطولة آسيا تحت 23 سنة المؤهلة لأولمبياد ريو دي جانيرو 2016 م، بينما بطولة دوري الأمير فيصل للفرق الأولمبية مستمرة، وهنا نتساءل : لماذا تقام بطولة الأمير فيصل إذا كانت قائمة المنتخب يتم اختيارها من المشاركين في دوري جميل وليس من البطولة المخصصة لهذه الفئة؟!
لو كان اتحاد الكرة مهتماً بتقوية قاعدة وبناء الكرة السعودية لجعل تمثيل المنتخب الأولمبي مقتصراً على نجوم دوري كأس الأمير فيصل للفرق الأولمبية، وفي هذا التوجه زيادة في التركيز والاهتمام والتفرغ لإعداد المنتخب واستقرار وانسجام وتجانس أفراده بدلاً من تجميعهم في أيام معدودة من لاعبي دوري جميل، ما تسبب في التخبط الفاضح في التشكيلة والأداء العام للاعبين في مباراتي تايلاند وكوريا الشمالية..!
كثيرون للأسف لم ينتقدوا فيما مضى أخطاء اتحاد الكرة من باب مصلحة الكرة السعودية، وإنما بحسب ما تمليه أهواؤهم وانتماءاتهم، كانوا دائماً ما يرددون ويشككون باختيارات المدربين لمجرد أن لاعباً أو عدداً من لاعبي فريقهم ليسوا ضمن القائمة الأساسية، ويؤكدون أن هنالك قوة خارقة خفية هي من تتدخل وتتصرف وتتحكم وتتلاعب بتشكيلة المنتخب، وهم بذلك يجهلون أو يتجاهلون مناقشة الأخطاء الأهم والأكثر خطورة على حاضر ومستقبل الكرة السعودية أندية ومنتخبات..
رب ضارة نافعة!
جاءت موازنة الدولة للعام المالي 2016 م بأرقام منطقية بل متفوقة على الظروف التي يمر بها العالم والمملكة على وجه التحديد، أثبتت بحمد الله حكمة وحنكة وبعد نظر قيادتنا وقوة اقتصادنا وقدرته على احتواء وتجاوز المعضلات الطارئة والمتدخلة في حجم الإيرادات ومستوى المصروفات، كما أثرت إيجاباً على طريقة الإنفاق علينا كأفراد وضرورة إعادة حساباتنا وضبط أسلوب صرفنا وتحديد أولوياتنا والتعامل مع واقعنا ومراعاة مستقبلنا ومستقبل أجيالنا..
الأكيد أنّ التأثير سيشمل سائر المجالات والقطاعات بمختلف أنشطتها وخدماتها الحكومية والأهلية ومن بينها المجال الرياضي ( أندية ومنتخبات واتحادات)، ولا أبالغ إذا قلت إن تأثيره على الرياضة وبخاصة الأندية سيكون أقوى وأقسى ليس فقط بسبب تراجع الدعم الشرفي المتوقع في المرحلة المقبلة، وإنما لكونها تعاني أصلاً من مشاكل مالية أجبرت ثلاثة من الكبار الاتحاد ثم الهلال والنصر، على الاقتراض البنكي بمبالغ ضخمة، ستتم جدولتها خلال السنوات الخمس القادمة، وبالتالي استمرار معاناتها وتناميها إلى الأسوأ، إلى جانب أحجام الشركات عن رعاية الأندية وعدم جدوى الاستثمار فيها نتيجة لأزماتها الحالية وغياب الشفافية وسوء إدارتها مالياً..
المتابع لتحركات وتعاقدات الأندية في فترة الانتقالات الشتوية التي ستنتهي اليوم الاثنين في تمام الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، سيجد أنها في نوعيتها وتعدادها تأثرت كثيراً بظروفها المالية الصعبة، ولم تعد تتعامل مع صفقاتها بنفس البذخ الذي كانت عليه في المواسم السابقة، وهو ما يؤكد ما سبق أن كتبته في أغسطس الماضي تحت عنوان (انتهى زمن الطناخة)، إضافة إلى أنها لا تستطيع مجاراة الأندية الإماراتية والقطرية في استقطابها للنجوم، الأمر الذي سينعكس سلباً على مستوى الفرق السعودية وعلى الدوري وعلى مشاركة أنديتنا في البطولة الآسيوية مقارنة بما تتمتع به الأندية الأخرى المنافسة ..
ومثلما قلت عن أهمية أن يعيد المواطن السعودي النظر في مصروفاته والتخلص من فوضى إنفاقه، على أنديتنا هي الأخرى التوقف عن أسلوبها وإسرافها في تعاقداتها مع اللاعبين وتغييرها الهستيري للمدربين، والبدء في تنظيم إدارتها مالياً بما يتناسب مع وضعنا الراهن، وبطريقة تضمن للأندية الإيفاء بالتزاماتها وبرامجها وخططها التطويرية بعيداً عن القرارات العشوائية وربكة وضغوط الديون غير المبررة .