ميسون أبو بكر
مخنوقة عبراتها.. سرى خوفها ورعبها في وتيني، براءة الطفولة لم تستطع أن تتحدى الرعب وخرافة الموت الذي عاشته إثر قتل ابيها لأخيها عبدالله، هي تختبئ وراء قدر قد يقودها للنتيجة ذاتها، فهل أكثر موتا أن يقتله أبوه، وهل أشد حسرة أن يكون أبوها شبحا يراود حلمها ويقظتها!!
لم تبرحني لحظة نظرة الجد الشيخ وهي مليئة باللوعة وما أعظم بكاء الرجال حين يعض الواقع بعنف على جسد الحقيقة فلا يملك إلا أن تمزقه قلة الحيلة والموت الذي سبق طوق النجاة.
أب مدمن وإهمال من مسؤول المدرسة الذي لم يتحقق عند تسليم الطفل لكائن تجرد من إنسانيته ووقع تحت تأثير إدمانه فاقتاد فلذة كبده إلى شفير الموت وأي موت؟
هكذا كان سيناريو الغدر بعبدالله، الطالب البريء الذي تناقلت وسائل التواصل صورته البريئة وهو يقرأ كتاب الله في الحلقة المدرسية.
لم يكن سيناريو الغدر ببدر الرشيدي أقل فجيعة، فرهاب الغدر بالأقرباء صار سمة الداعشيين الذين يجندهم هذا التنظيم الذي خلقته إيران في المنطقة لتدمر العباد والبلاد، وقد انصاع له الأغبياء ذوو النوايا الإرهابية صغار السن مدمنو المخدرات التي يغرقها حسن نصرالله في السوق للفتك بفكر أبنائنا وعقولهم وتحويلهم لآلة قتل لأقرب الناس منهم حيث يتم استغلال الروابط العائلية بينهم وبين المغدور لاستدراجه والغدر به.
آه كم هو موجع أن يغدر بك من يجري دمك في شرايينه، وتحمل نسبه واسم عائلته وتاريخ مشترك من الذكريات واللحظات التي تفتك بها لحظة الغدر.
ولست أعوّل هنا على القاتل المأجور لأعداء وطنه، فهو ليس مغيبا عن الوعي فحسب، وليس مرتدا عن ديننا وشرائع البشر فقط، بل هو جيفة نهشت بها ذئاب العدو ورمت بها كطعم فاسد للمغدور بهم.
سأعوّل على مجتمعنا الذكي الذي نجا من مصيدة أعداء وطننا وديننا ولم يقع بالوحل الذي وقعت به شعوب دول أخرى حالها التشتت والضياع الآن؛ لأنها تفرقت وسهل أمام العدو اختراق صفوفها ولحمتها، وافتراسها.
أنا أعول على المواطن الحق الذي ينتصر لقضاياه ولوطنيته وانتمائه بكل الطرق، والذي لمسنا نشاطه من خلال وسائل التواصل المختلفة حيث تحول إلى رقيب وحسيب ومحام تارة أخرى وإعلامي مرات، فأنا أراهن عليه كما أراهن على وطنيته، وذكائه؛ لأنه العين الصافية لوطنه، فهو يستطيع أن يتلمس المجرم ويستدل على الضال ويكون عين الوطن فيسارع إلى الجهات المسؤولة ليخبرها بشكوكه حول الإرهابيين أو المُضلَّلين.
تحت سماء وطني ملايين من البشر من المخلصين له، المتمسكين بشريعته، المنتمين لأرضه الطاهرة، المصطفّين وراء قيادته الحكيمة، هناك الملايين ممن تمسكوا بحبل الله وعشقوا ترابا هو الأغلى وهم كجنود الوطن وحراسه الأوفياء.
لا بد أن تكون حواسنا حاضرة لأي تصرف قد يشككنا بنوايا صاحبه، فنسارع للجهات المسؤولة بتقديم بلاغ قد ينقذ حياة ويبعد مصيبة وينهي تخطيطا إرهابيا ضد هذا البلد.
لا بد أن نعتصم بحبل الله وأن تكون الأسرة متماسكة والمجتمع متراصّا وألا نستسلم لسموم الإرهابيين والمريدين سوءا بوطننا والذين يتفثون سمومهم بطرق مختلفة ووسائل إلكترونية سهلة التداول والحضور في عقول شبابنا.
لنا أن نكون عين الوطن وجنده وأن نراعي الله في الأمانة التي نحملها.
حمى الله بلدنا وعرضنا ومالنا، وألهمنا الصواب.