د. عبد الله المعيلي
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (254) سورة البقرة.
وقال تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (92) سورة آل عمران.
وقال تعالى: وهي آخر ما نزل من أي القرآن الكريم: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (281) سورة البقرة.
قال ابن جريج: إن هذه الآية نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال، ثم لم ينزل بعدها شيء، وقال ابن جبير ومقاتل: بسبع ليال، وروي بثلاث ليال، وروي أنها نزلت قبل موته بثلاث ساعات، وأنه عليه الصلاة والسلام قال: اجعلوها بين آية الربا وآية الدين، وحكى مكي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل فقال: اجعلها على رأس مائتين وثمانين آية.
جعل الله هذه الآية الكريمة آخر ما نزل من القرآن وجعلت خاتمة للأحكام والأوامر، لأن فيها الوعد على الخير، والوعيد على فعل الشر، وبهذا حذر الله عز وجل فأعذر، ووعظ فأبلغ، كثيرة هي الآيات التي تحث على الصدقة وفعل الخيرات وترغب فيها، وتبقى قدرة الإنسان وإرادته على مقاومة الشح والإقبال على الصدقة بنية خالصة لله تعالى.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة تطفئ غضب الرب)، وقال عليه الصلاة والسلام (ما نقص مال من صدقة بل تزده)، وقال عليه صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة).
من هذا المنطلق تجود نفس المسلم بالصدقة على مستحقيها من ذوي الحاجة، من فقراء ومساكين، أيتام وأرامل، وكل من تشملهم أبواب الصدقة الواسعة، طاعة لله وتعبداً، رغبة في الفضل العظيم لهذه الشعيرة المحببة للنفس، وبهذه الطاعة يتحقق التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وبهذه الطاعة أيضاً يبارك الله في المال ويزداد، والشواهد في هذا الباب قديماً وحديثاً أكثر من أن تحصى ويحاط بها،
كانت صور الإغاثة في السابق بوابة واسعة استغلها شياطين الإنس ووظفوها في أغراضهم التي تبين أنها خنجر سام طعن المملكة في الظهر بكل صفاقة ووقاحة، كلنا يتذكر تلك الصور البغيضة عند أبواب المساجد وفي الطرقات، تبرعوا لإخوانكم، عبارات في ظاهرها الرحمة، وفي باطنها العذاب، استغلالاً للعاطفة الدينية والدوافع الإنسانية، ودون مراعاة للوازع الديني للمنفقين الذين كانوا يظنون أنها تنفق في سبيل الله، وإذا بها تنفق في سبيل الشيطان، وفي تشويه صورة الإسلام والتغرير بالشباب وتحويلهم مطايا وأدوات قتل وسفك دماء، وتفجير للمساجد والبنى التحتية، وترويع للآمنين، في البلد الذي طالما أنفق أهله بسخاء على مظنة أنها تنفق في سبلها الشرعية المعروفة في الداخل والخارج.
بعد هذه الثقة العمياء من الأجهزة المعنية، التي كانت مدفوعة بحب الخير ودعم أوجه إنفاقه على المستحقين له، وفي ضوء ما أسفرت عنه حقائق هذه الفئة المتدثرة بعباءة التدين المزيف، كان لا بد من وقفة حزم تردع المتلاعبين بعواطف الناس واستغلالها في خدمة مصالحهم الشيطانية المتمثلة في سفك الدماء وترويع الآمنين.
وجاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مظلة نظامية لإنفاق المال على مستحقيه، وبالتالي يجب الالتزام بمعايير هذا المركز الإغاثي الإنساني وضوابطه وشروطه باعتباره الجسر الآمن لإيصال الإغاثة وإنفاقها في مجالاتها الشرعية والنظامية.
ومن أجل تعزيز رسالة المملكة الحضارية والإنسانية، واستجابة لرغبات المواطنين في دعم الخير والتوسع فيه، لعل الأبواب تفتح لكل من يرغب في تكوين مؤسسة خيرية بشرط أن تكون أوجه نشاط هذه المؤسسات الداخلية والخارجية مرخصة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتحت إشرافه ومراقبته وفق آليات محكمة تقطع الطريق على المتلاعبين والمحتالين.