يوسف المحيميد
مديرة مدرسة تبلغ عن حارس مدرسة أطلق تجاهها رصاصة، ومالك إبل يطلق النار على مواطن جنوب رفحاء ويرديه قتيلاً، كشف غموض مقتل مواطن أثناء رعيه للأغنام، التحقيق مع معلم في جازان هدد زملاءه بالقتل واحتياطات أمنية أمام المدرسة، حارس عمارة في دبي يقتل امرأة أهانته، مجرم يطعن عشرة أطفال أمام مدرسة في الصين، وغيرها من الأخبار العنيفة التي تمتهن القتل ببساطة، لدرجة التساؤل عما يحدث، هل هؤلاء مرضى نفسيون كما يروج الإعلام دائماً؟.. أم هو فورة الغضب المجنونة؟.. أم الشعور بالفوضى واللجوء إلى العنف لأخذ ما يراه حقاً بقوة السلاح؟.. هي حالة مقلقة من العنف المجتمعي في العالم، في الوقت الذي تغلي فيه مناطق كثيرة من العالم، بالحروب والتشريد والجوع، بالرغم من كل هذا التطور العلمي والتكنولوجي، وما يمكن تسميته بالرفاه الاجتماعي، حتى مع معاناة العالم اقتصادياً منذ سبتمبر 2008.
من جانب آخر، وكأنما العالم لم يتعلم الدرس جيدًا مما تفعله الأيديولوجيا، وأي لوثة قد تحل بالمرء بسببها، كي يقتل أحد أقاربه، ويوثق مشهد القتل بمقطع فيديو، بطريقة يتلذذ فيها بالقتل، وتوسل الضحية، فهي حتماً لوثة عقل، وتطرف أيديولوجي، وليس ديني، لأن الدين يعزز الإنسانية، ويشيع التسامح والحب بين البشر.
نعم هذا ما يحدث، العالم يضج بالعنف والقتل، فالمثقفون يتصارعون كالديكة في البرامج الحوارية، والسياسيون يتراشقون بالأحذية، حتى الرياضيون الذين كانوا يشيعون مقولة اللعب النظيف، وأن الرياضة تجمعنا، أصبح مألوفاً أن تشاهد لاعباً يطارد حكماً في ساحة الملعب كالقطط في ليل الحارات البارد.
هل وصل العالم إلى حالة ملل؟.. هل هو يعيش مرحلة الانقلاب على سنوات النهضة والتنوير التي عاشها بعد الحرب العالمية الثانية، والحروب الباردة، وأصابه الحنين إلى المواجهات المباشرة بين الدول سواء على المستوى الإقليمي، أو على مستوى الأقطاب، والدول العظمى؟.. هل أصاب القادة والساسة الملل من الصمت والتجاهل، لمناوشات بعضهم في شئون البعض الآخر، وأصبح من اللازم الاستعداد لمزيد من الحروب؟.. وإلى أين تمضي بِنَا هذه الحروب؟.. ومتى يكف الناس عن العنف والقتل؟ وبمعنى آخر، متى يعود العالم إلى عقله؟.
من غير شك، وحتى لمن لا يعرف أبجديات السياسة، يشعر أن العالم مقبل على لحظة تحول كبرى، فلا يمكن أن تكون هذه الحالة من النزاع السياسي والعسكري حالة عابرة؟.. رغم أنني على المستوى الشخصي أحاول أن أشيع حالة التفاؤل، وأتمنى أن تعود لغة العقل، والحوار، والتفاهم بين الدول، ويولى الجانب الدبلوماسي فرصة أكبر لحل النزاعات، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.
ولو عاد العالم إلى التاريخ، وتأمل ما حل بهذا الكوكب الجميل من دمار هائل على فترات مختلفة من القرن الماضي، لأدرك خسارة الجميع مما قد يحدث، ولتراجعت كثير من الدول عن عنادها، وكفَّت عن الدفاع عن رجل واحد، كالأسد، مقابل التضحية بشعب كامل، وبلد جميل كسوريا، فهل يكف هؤلاء عن المزيد من القتل والعنف والتشريد؟.