عبدالحفيظ الشمري
يطل معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام، وهو يسعى إلى تطوير ذاته وفعالياته من حيث الشكل والمضمون، من أجل أن يحقق أهداف التنمية الثقافية والمعرفية وخدمة المجتمع في كل ما يتعلق بالكتاب؛ لا سيما في حالته الورقية التي اعترته الكثير من الشكوك؛ بأنه بات مهدداً بالانقراض، إلا أن هذه الشكوك - بحمد الله - توارت، وظل الكتاب متواصلا في حضوره مع القارئ.
تَحدٍ آخر يواجه الكتاب هذه الأيام هو كثرة الحديث عن كونه غير مجدٍ، وقل الاهتمام به في ظل وجود هذه الوسائل التقنية للمعلومات، والوسائط في تقديم الأخبار والمعلومات والأفكار، أياً كان نوعها أو توجهها، إلا أن هذا التحدي لم يعق الكتاب الورقي وبات مطلوبا، وما سواه من قنوات وإيقونات تقنية حديثة هي متممة لوجوده وحضوره في الوجدان والذائقة لدى المتلقي والقارئ على مدى عقود.
إلا أن التسمية التي يمكن أن تطلق على هذه المناسبة؛ وقد تكون أكثر توصيفاً هي «سوق الكتاب الدولي» من أجل أن يكون هناك حضور لمفهوم السوق الذي يتم فيه تقديم الكتاب وبيعه للجمهور بطريقة واضحة لا لبس فيها، إذ تطغى على فكرة «معرض الكتاب» هذه الأيام أنه للعرض وحسب، وهذا ما شجع على تفاعل نوع من الاستعراض والمشاهدة الجانبية من قبل المستفيدين منه؛ من مؤلفين وناشرين، إضافة إلى الشريحة الأهم وهم زوار المعرض حينما يتعرفون على محتويات هذه المتاجر الصغيرة للكتاب.
«سوق الكتاب» لا يزال الرهان عليه قائما؛ أي أن هذه المناسبة فرصة لتقديم كل ما هو جديد ومفيد بطريقة ميسرة، لكي نستفيد معاً من عبارة أو مدلول كلمة الدولي؛ أي أن نعزز وجود الكتاب المترجم بحالتيه الضروريتين (من وإلى) لتكون الكتب والمؤلفات لدينا معدة للقارئ في كل مكان من العالم من خلال ترجمة الأعمال المحلية - من اللغة الأم - بطريقة متوازنة، وذات بعد وطني، وقياس معرفي لا تدخل فيه المجاملة لأحد، أو أن يكون الأمر رمزياً. بمعنى أن يكون الكتاب متواصلا مع تجارب المجتمعات من حولنا.
فحينما تنضج وتتطور التجربة في ترجمة الأعمال - إلى العربية - ستخرج حتماً عن كونها تجارب محدودة إلى برنامج أو مشروع معرفي متكامل ستستفيد منه تجربة سوق الكتاب، لتحقق الكثير من الأهداف المعنوية لحركة التأليف والإبداع والنشر في بلادنا.
ومن أجل تطوير مشروع النشر المحلي وتنويعه فإنه من الضروري أن يستفيد من تجربة وبرامج سوق الكتاب الدولي الذي يقام في كل عام، وفي أكثر من عاصمة عربية وعالمية، ليكون الهدف تسويق الكتاب إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع مع السعي إلى أن نبتعد عن الحشو الزائد في هذه المناسبة.
ومن المفيد إلا ينحصر أمر التأليف والطباعة والنشر في مجال الكتاب الثقافي والأدبي كما هو شائع إنما يكون في شتى الفنون في مجالات الوعي الأسري والطب والمجتمع والهندسة وكل التخصصات التي تحتاج منا إلى مزيد من الترجمة، وتعاضد الجهود، لكي لا يكون الكتاب مجرد محاولة لكسب ما تيسر من مال دون معرفة أو إحساس بدوره كرافد للثقافة، ومن المهم أيضاً ألا يكون مجرد مشروع استهلاكي تظهر فيه أرقام المبيعات وكأنها غاية الإنجاز!.