أ. د.عثمان بن صالح العامر
أخيراً تحتفل حائل بوجود فندق خمس نجوم تابع لصندوق وزارة التعليم (العالي سابقاً) الذي صدرت موافقة مجلس الوزراء الموقر على إنشائه في 8-9-1421هـ بالقرار رقم (216)، والصندوق كما ينص القرار: «يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، ويتولى إدارته مجلس إدارة برئاسة وزير التعليم ?وعضوية ممثل لوزارة المالية، وممثل لوزارة الاقتصاد والتخطيط، وثلاثة أعضاء يمثلون الجامعات، وثلاثة من رجال الأعمال من ذوي الكفاية العلمية والمهنية «.؟؟
قد يعجب البعض ممن لا يعرفون المنطقة، ولم يسبق لهم زيارتها، كيف لنا نحن الحائليين أن نحتفل بميلاد فندق؟
# وللتاريخ فإن مشكلة السكن بالمواصفات العالية الجودة التي تليق بالنخب، ويطلبها ضيوف المنطقة غالباً كانت مشكلة مزمنة منذ سنوات وما تزال، عانى منها أهالي حائل الأمرّين، خاصة اللجان المنظّمة للزيارة الرسمية التي يقع عليها مسؤولية تسكين الوفود المرافقة لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد وأصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء وكبار المسئولين، إلى درجة أنني أذكر في مناسبتين أو ثلاث اضطر المنظمون إلى استئجار فلل يسكنها أهلها وإخراجهم منها لمدة أسبوع لتسكين ضيوف المنطقة، وضيوف آخرون باتوا ليلة واحدة وسرعان ما عادوا إلى العاصمة الرياض، وفريق ثالث عاد في ذات الليلة على سيارة خاصة بسبب عدم وجود سكن يتوافق ومستواه الاجتماعي ومنصبه الإداري، تعوّد عليه في تنقله داخل المملكة وخارجها، يوفر له وجباته الصحية التي هو ملتزم بها، ويهيِّئ له خدمات لوجستية تسهل له الوفاء بمتطلبات أعماله، ولذا كثيراً ما سُئلت شخصياً كما سُئل غيري من أبناء المنطقة عن هذا السر، ومتى ينبري أحد رجال الأعمال من أهالي حائل خاصة ليكون على يديه إنشاء فندق خمس نجوم الذي صار عند الكثير «حلماً بعيد المنال».
# وللتاريخ أيضا فإن شركة طي - الحائلية المعروفة - كان من أولوياتها فندق (خمس نجوم) ولكن ولأسباب كثيرة تعثّر هذا المشروع سنوات طويلة، وبقي متوقفاً بشكل يثير الغرابة، ويبعث على السؤال الاستفهامي الإنكاري التعجبي الذي لم يوجد له جواب على أرض الواقع، حتى انبرى من جديد الوالد والرمز وابن حائل البار الشيخ علي بن محمد الجميعة -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- فحرك المشروع، وحلّ ما اعترضه من مشاكل وعقبات بشراء حصص المُسْهِمين الذي أخذ وقته جراء وجود ورثة قصّر، ورفض البعض واعتراض آخرين، ونجح- رحمه الله- في تجاوز هذه الإشكاليات المعقدة والمتشابكة كلها، وكان قاب قوسين أو أدنى من تدشين المشروع وحضور حفل افتتاحه هو وشركاؤه الباقون، ولكن القدر سبق ، مع العلم أن شركة طي هي من سهّل مهمة تسكين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة أصحاب الجنسيات الغربية أولى سنواتها في منطقة خاصة بهم داخل منتزه مشار، يتوفر في هذا المكان الآمن جميع متطلبات الاستقلالية والخصوصية والراحة، وهذا يسجّل لها ولا يمكن أن ينسى أو أن تمحوه الأيام.
# وللتاريخ أيضا فقد قدم الشيخ عبد المحسن الحكير رجل الأعمال السعودي المعروف في فندقه ذي الأربع النجوم خدمات متميزة في السنوات القليلة الماضية وما زال، ومن قبله الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن العقيل من خلال فندق الجبلين الذي افتتح عام 1394هـ، ومن أقدم الفنادق فندق حائل «البيوض « وسط حائل الذي كان معلماً هاماً في أوائل سبعينيات القرن الميلادي المنصرم، وهو جزماً أول فندق في حائل خلاف ما ذهبت إليه الجزيرة في خبرها المنشور يوم 1- 1- 1394هـ عن افتتاح أمير حائل آنذاك لفندق الجبلين ، حيث جاء في عنوان الخبر « قريباً أول فندق في مدينة حائل» وغرد بهذا المنشور الكاتب والأديب والمؤرخ السائر على خطى أبيه الأستاذ أحمد فهد العريفي في حسابه الشخصي بتويتر في 16- أغسطس - 2012م.
# ولا يعني هذا أنه لا يوجد غير هذه الفنادق في حائل، بل ما أوردته مجرد محطات في التاريخ، وإلا فيوجد اليوم عدد من الفنادق الجيدة والشقق المتميزة والاستراحات الرائعة والمنتجعات الراقية التي يعرفها جيداً زوار المنطقة، وإن كان سر جاذبية هذا الجزء الغالي من الوطن الغالي الجمال الطبيعي الأخاذ الذي تتميز به حائل عن كثير من مناطق المملكة وليس من رأى كمن سمع.
# هل عرفتم لماذا نحتفل بميلاد فندق خمس نجوم في حائل؟ ولماذا أسطّر هذا المقال للتاريخ؟ ليس هذا فحسب، بل كثير من الشركات والمؤسسات المعروفة لا يحضر مديروها ومستشاروها لمناسبات مهمة تكون في المنطقة لعدم توفر السكن الملائم، أو أنهم عندما يطرح عليهم دخول مشروع ما في هذا المكان من المملكة يأتي التخوف من عدم وجود سكن يليق بالفريق الذي سيكلف بإنجاز هذه المهمة، حتى منسوبات التعليم وأستاذات الجامعات والأكاديميات يمنعنهن عدم توفر هذا النوع من الفنادق المجيء للقيام بالواجب الذي تلقيه عليهن مسئوليتهن الوظيفية.
# اللافت للنظر أن الفندق تابع لصندوق وزارة التعليم، وداخل المدينة الجامعية، وهذا يعني أن المخطط الاستثماري في الهيئة الإشرافية على الصندوق مخطط متميز، ويجيد فن اقتناص الفرص، ويستشعر في ذات الوقت ماذا يعني دخول صندوق التعليم في الاستثمار الطويل المدى في مشاريع مفصلية لمناطق نائية كحائل التي تشهد افتتاح أول فندق ضمن سلسلة فنادق الصندوق.
شكراً لكل وطني مخلص، وإلى اللقاء، والسلام.