فوزية الجار الله
ثمة صدفة واكتشاف واستعادة..
ثمة كرٍ وفرٍ واستكانة، ثمة اختلاف وائتلاف بين اللحظات، ما بين نكهة الصباح والمساء جعلتني أستعيد ذاتي وأتلمس الطريق إلى كياني كي أتحدث.
حين بلغت مرحلة الغرق، قلت أسجل هذه سطوراً على ورق، هي أفكار جديرة بالكتابة رغم ذلك الألم الذي يفصلني عما حولي بين الفترة والأخرى.
ذلك الغرق.. لم يكن في نهر أو بحر فأنا أسكن مدينة صحراوية لا بحر فيها سوى ما يسكن ذاكرتي ولا نهر سوى ما يشبه الحنين ذلك الذي أشعر به أحياناً بين أضلاعي..
الغرق مرحلة من مراحل «الأنفلونزا» التي بدأت بوادر دبيبها تحت جلدي ونشيجها في أوردتي، منذ يوم الاثنين الماضي، أي عشرة أيام قبل قراءتكم لهذه الكلمات. أكتب لكم عنها بإحساس خاص حيث لم تزرني بمثل هذه الشراسة منذ سنين ولأنها احتلتني وأنا أنكرتها وقاومتها طوال الوقت دونما فائدة فقد ارتأيت التقاط صورة خاطفة لها من خلال كلمات خاصة تليق بحدتها.
للأنفلونزا بداية وما يشبه النهاية، لعل أكثرها سوءاً تلك التي يفاجئك اكتشافها صباحاً فأنت لا تعلم ما الذي حدث أثناء الليل وقد نمت بكامل عافيتك، وإن أردتم أن أحدثكم عن مراحلها المتأرجحة ما بين الوعي واللاوعي فهي كالتالي: أولها: انفتاح غير أليف، بل مرفوض، تتحسس في منطقة ما من جسدك انفتاح على المجهول: ففي منطقة الحلق ثمة مايشبه البوابة المشرعة التي يصعب غلقها وبتحديد أكثر كأنما وضعت كلابة في حلقك وتم شدها بقسوة بحيث تبقيه مفتوحاً تحاول الاحتفاظ بشفتيك مغلقة، لكن بلا جدوى!
أما المراحل الأخرى فهي الرجفة السخونة، العزلة، ثم الغرق تلك المرحلة تأتي قبل النهاية بقليل تشعر بأن رأسك وكافة جهازك التنفسي غارق في الماء، ليس مالحاً ولا عذباً لو كان ذاك لهان الأمر فالماء حياة لكنه إحساس متخيلٌ عجيب لا تريده.
منذ فترة وأنا أقول بأني أصبحت أكثر خبرة لدي قدرة وتحدٍ للوعكات العابرة ولأمراض البرد جميعاً، فأنا في حالة يقظة ودفاع مستمر باستخدام كل عوامل الوقاية إضافة إلى الأعشاب الطبيعية، لكنني فوجئت بلحظة بذلك الهجوم الشرس الذي أوصلني لمرحلة الغرق، قبل التجربة كنت في حالة غضب وتوتر شديد لعدم إنهاء بعض الالتزامات لكن بعد الكر والفر، الرجفة والعزلة، بعد التجربة أصبحت أتمنى أن أكون في صحة وأمان بعد ذلك كل المعضلات والمشكلات تهون، تصبح لا شيء.
** بقية كلمات:
** قصة قصيرة جداً: هي ليست من مرتادي الأدب، حين أقرأ لها ما تيسر من أفكار تطوف حولي تهتف بسعادة: « دُرَر»! عندها أوقن تماماً بأنها لم تفقه شيئاً.
** حين تضيق بك الأرض ليس إلا خيالك يريحك، يمتعك، يحتويك، يخلق لك مدناً وجزراً وفضاءات أبهى وأرقى وأجمل.