فاطمة العتيبي
معارض الكتاب هي نشاط مدني ثقافي، وهو أحد أيقونات الوعي المجتمعي، وعلى قدر الإقبال عليه ونوع الممارسات فيه وحجم الإنتاج المعروض فيه يتحدد نضج المجتمع واتساقه مع النسق البشري الحديث.
يعود تاريخ أشهر وأقدم معرض كتاب في العالم إلى القرن الخامس عشر أي قبل نحو 500 عام، وهو معرض فرانكفورت الدولي الذي يقدم جائزتين لأفضل كتاب شبابي وجائزة للسلام.
وأقترح أن يمنح معرض الكتاب في الرياض العام المقبل جائزة للتسامح وتمنح لأفضل كتاب يدعو لتقارب الجميع حول مائدة الوطن!
أما في مسألة الاختلاف حول المعروض في المعرض السعودي الأهم وحول الاختلاط وحول غلاء الكتب تظل الآراء بين شد وجذب، لكن لا بد أن نتذكر دائماً أن الأصل في الحياة هو التنوع وليس التطابق، فلم يخلق الله سبحانه حواء نسخة من آدم وإن كان بينهما مشتركات كثيرة أهمها أن كلاً منهما إنسان ومسؤول ومحاسب، كل فيما أنفق شبابه وماله، لا أحدد منهما يحمل عن الآخر جريرة أو هفوة، فلكل طائر في عنقه وكل عليه حسيب ورقيب.
ولو أراد الله سبحانه أن يجعلنا نسخا متشابها لما أعجزته قدرته العظيمة فقد خلق الكون بستة أيام ثم استوى على العرش، ينتظر منا الدعاء والعبادة والتقرب وإعمار الحياة بالود والمحبة والإتقان والإنجاز.
الكتب المتراصة على الرفوف وأحياناً المتناثرة بفوضى أو المعلبة في الكراتين أو المدسوسة تحت الطاولات، أو المبهرجة وهي خاوية تافهة، أو الكثيرة الصفحات ولا عمق فيها أو العميقة التي لا تحب الترويج أو الصخب، أو الخجولة التي لا تفصح، أو التجميع من هنا وهناك بدون وحدة موضوعية منتظمة، إن الكتب تشبهنا تماما ففينا الهش الضعيف الذي تقدم الصفوف لأن ثمة أيدي طويلة سحبته للمنصة، وفينا العميق الهادئ الذي لا يحب الترويج المبتذل، وفينا السطحي السقيم الذي يتجمع حوله الصراخ والصخب السوقي، وفينا الصالح وفينا متبع الهوى.
نحن والكتب علاقة عشق لا تنقضي، لأن الوعي مسكوب بين أغلفتها، نبحث فيها عن الدهشة، فليس الكتاب كتابا إن لم يمنحك الدهشة، تماما مثل البشر الذين تقابلهم ولا يبقى في ذاكرتك منهم أثر إلا بقدر الدهشة التي يهبونها لك.
كونوا مدهشين ومدهوشين فالحياة رتيبة إن لم تحركها الدهشة.
كل معرض كتاب ونحن للدهشة أجذب!