أ. د.عثمان بن صالح العامر
ليس جديداً الحديث عن الإستراتيجية التوسعية التي خططت لها قوى الشر ونفّذتها إيران في المنطقة العربية عموماً والخليجية منها على وجه الخصوص، فبعد حرب دموية دامت ثماني سنوات مع عراق / صدام، اتخذ الساسة الصفويون الفرس نهج تصدير الثورة وزرع الميلشيات والجيوب العسكرية في عالمنا العربي، بدءاً من أرض الشام «لبنان وسوريا» مروراً بالعراق وانتهاءً باليمن مع محاولات متتالية وبطرق مختلفة لاختراق خليجنا العربي خاصة البحرين والكويت وصولاً لبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية بتحريك الورقة الطائفية تارة ، وتارة أخرى عن طريق المطالبة بحقوق الإنسان، خاصة المشاركة السياسية والحرية الدينية، وثالثة من خلال توظيف الأبواق الإعلامية الذين هم طابور خامس حقير، ورابعة، وخامسة...، وقد كانت مطيتهم في أرض اليمن «الحوثيين» الذين وجدوا في علي عبد الله صالح الرئيس المخلوع ضالتهم لركبوها، وصولاً لسدة القرار ومن ثم السيطرة التامة على المنطقة المتاخمة لحدودنا الجنوبية، تحقيقاً لما صار من مسلّمات الأجندة الإيرانية التي لا تخفى على كل ذي عقل لبيب يتابع مسار الأحداث ويقرأ تصريحات الساسة الإيرانيين، الذين كانوا يتوقعون أنهم قاب قوسين أو أدنى من أرض الحرمين الشريفين حفظها الله وحرسها ورعاه. ولذا لا عجب أن تدرب إيران « الحوثيين « وتعدّهم فكرياً وسياسياً لتسلم مقاليد السلطة في اليمن بالقوة العسكرية منذ عام 1994م - كما جاء على لسان الرئيس اليمني عبد ربه منصور -، ولا عجب كذلك أن يتباكى ساسة طهران على سقوط الانقلاب الحوثي، ويهددوا المملكة التي قامت بقيادة دول التحالف لإجهاض مشروع إيران العدواني السافر على شرعية اليمن الدستورية المقرّة والمعترف بها من قِبل هيئة الأمم المتحدة.
كل هذا يحدث بكل تفاصيله وأوجاعه اليومية المؤلمة بمرأى ومسمع وعلم ودراية، بل ربما تخطيط وتنسيق مسبق مع البيت الأبيض، الذي أدار ظهر المجن عن حلفائه الدائمين في منطقة الخليج، معتبراً طهران هي الحليف الإستراتيجي القادم في المنطقة!!!.
وبتوفيق من الله وعونه انبرى بكل شجاعة وباسلة وإقدام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للتدخل السريع من أجل إعادة الشرعية لليمن المخطوف من أهله وحكومته الحقيقية، ولوقاية المنطقة من تبعات ما هو في أجندة الإيرانيين بعد امتلاكهم زمام الأمور في اليمن.
وجزماً لو لم تكن «عاصفة الحزم» التي اتسمت بالسرعة والمباغتة والعزيمة والجزم، الذي لا يعرفه إلا الكبار ذوي الهمم العالية والدراية العميقة في كيفية إدارة عجلة التاريخ، لو لم تكن هذا المعركة الحاسمة الرادعة، لحصلت متغيرات كثيرة على أرض منطقة الخليج خاصة والأمة العربية عامة جراء ما أعدّه المخطط اللعين من تفتيت وتفكيك لنا، تحقيقاً للهلال الشيعي الذي بشر به ودعا له منظرو دولة ولاية الفقيه منذ زمن ليس بالقريب.
لقد قررت المملكة العربية السعودية ممثلة بقيادتها الحكيمة مواجهة المشروع الإيراني وإيقاف تمدده في المنطقة العربية، بعيداً عن الإملاءات المعرووفة وتقاطعات السياسية الخارجية لدول العالم الكبرى فكان بعد عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، النجاح الباهر في تشكيل تحالف إسلامي عسكري قوي وشديد، وهو في الوقت الذي يحمي بعد الله المنطقة من ويلات التطرف وجنوح الإرهاب بمختلف أشكاله وصوره، يمثل تحدياً حقيقياً للتطرف الإيراني الذي ما زال يبذل جهده للتفكيك والتدمير في عالمنا العربي، فضلاً عن أنه هو من سيعيد بإذن الله لعدد من دول وطننا العربي المسلوبة والمنتهكة حقوقها السيادية وقوّته الشرعية بإذن الله.
ومع أنّ المملكة العربية السعودية تقود قوى التحالف حماية وتحصيناً ووقاية من شرور هذا المشروع الفارسي الصفوي الكدر، إلا أنها في الوقت نفسه تقدم وتبذل ما في وسعها من أجل الإنسان العربي رعاية وعناية واهتماماً، تغذية وتعليماً وعلاجاً، سواء في سوريا أو العراق أو لبنان أو اليمن الذي يريده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يمناً سعيداً، من خلال عملية «إعادة الأمل» التي أترك الحديث عنها لمقال الجمعة بإذن الله، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.