ميسون أبو بكر
تمر الأعوام ليضاف إلى حصيلتها الإبداعية إنجاز جديد، وتخطو وبثباتٍ وقفزات لتعبر بوابة عهد جديد وتميز يضاف إلى إرثها ومنجزها عبر العالم بوجوهه المختلفة، هي جائزة الفيصل التي تحتفي بها الرياض وبالفائزين بها كل عام،، حيث هي قبلة العلماء والمبدعين الذين انتصروا لإنسانيتهم وللإنسان في وجوه وفروع متعددة وخدموا البشرية دون الالتفات للون أو عرق أو دين أو مذهب.
المملكة التي وضعت لها موطئ قدم على خارطة العالم والتي مسكت زمام الريادة في هذا الوقت الصعب، وفي محيط الفوضى التي يعانيها العالم والصراعات وشبح الإرهاب؛ لم تتوان أن تواكب الحضور السياسي بالقوى الناعمة في المجال العلمي والفكري والثقافي، لتكرم العلماء وأصحاب الفكر والجهد في خدمة الإنسانية، الذين أخلصوا لفكرهم وعلمهم وأولئك الذين قدموا للإسلام وتركوا الصورة مشرقة لا يشوبها شائبة، ومنهم من بقي في عالمنا يكمل المشوار والإبداع ومنهم من رحل تاركاً إرثاً كبيراً يذكر به ويشير له بالبنان وأيادٍ ترتفع إلى السماء تدعو لهم بالرحمة.
عظيم هذه البلاد ومليكها وابن أبيها سلمان بن عبد العزيز، يحضر ليكرم الفائزين بها والقادمين من كل أنحاء العالم ومن جنسيات مختلفة سبيلهم لها ما أنجزوه للبشرية، بحضور أبناء الفيصل الملك العربي الذي نقش في ذاكرة العالم بأحرف من ذهب لم تمح أو تخبو.. فقد بقي ذكره وعروبته يذكران به، ويذكر به أخوه الملك سلمان الذي سار على نهج أبيه طيّب الله ثراه، ومكملاً درب إخوانه الملوك الذين ما يلبث بين فينة وأخرى أن يذكرهم ويشير لهم بما يؤكد عظمة هذا الرجل الذي قاد المرحلة، وتبعته ملوك ورؤساء في تحالف أبهر العالم في حزم هذا الرجل وعزمه وحكمته، في زمن الفوضى والإرهاب الذي يخشاه العالم وتجنده دول أرادت السوء بالإنسان والأديان.
يحين هذا العرس السنوي من جديد وتعود الذاكرة لتنثر عطر وعبق من احتفظت بهم، سواء من بقوا في عالمنا يكملون المجد والإنجاز، أو أولئك الذين مضوا تاركين إرثاً علمياً وإنسانياً يذكر بهم.
من بين حقائب ذاكرتي تخرج ذكريات لا تبرح مخيلتي، لأناس حصلوا على الجائزة لما قدموه، ولما مضوا إلى الدار الآخرة لم تغادرنا آثارهم وأعمالهم.
الشيخ عبد الرحمن السميط هذا الداعية الذي ملأ العالم أثره وخدمته للإسلام وكرمته الفيصل في إحدى نسخها، لا أنسى وقت التقيته في برنامج خاص بالفائزين بالجائزة ورحلة الترتيب للحلقة.. في ذاكرتي هذا الرجل لم يبرحها بكل تفاصيل اللقاء وبهدوئه وكياسته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
معالي د. ناصر الدين الأسد، رجل اللغة والشعر وصاحب البدايات في تأسيس وزارة التعليم العالي في الأردن، رحل ومنجزاته الفكرية تحضر في الجامعات والمكتبات لينتفع بها طلاب اللغة.
وعدد من الذين كانت جائزة الفيصل رحلة التكريم التي سبقت الحصول على جائزة نوبل التي تماثلها حضوراً وعالمية ومصداقية، بل ربما تزيد عليها جائزة الفيصل بأنها غير مسيّسة ولم يعلق بها أي شائبة أو اتهام بالتحيز لطائفة أو عرق أو دين.
حيّا الله ضيوف الفيصل.. وقوافل الحاضرين على أرض المملكة.. حيث يلتقي زمرة العلماء والمفكرين مليكنا المهيب.. الحاضر في قلوب شعبه ومن أحبه وكل الشرفاء الذين انتعشوا بما استعاد لنا من كرامة العربي المسلم.
أبو الحزم والعزم سلمان بن عبد العزيز.. أدام الله مجدك وأعز بك الإسلام والمسلمين وجعل ديارك دار عز ومجد.