سعد بن عبدالقادر القويعي
نتفق تماماً مع الرؤية الواقعية التي تقول إن التنظيمات الإرهابية، والجماعات المتطرفة تمثل خطرا في المحصلة النهائية، إلا أن طور تضخيم تنظيم داعش - على سبيل المثال - لم ينته بعد ؛ حتى وإن كان تضخيم داعش كذبة إعلامية مغرضة ؛ لأن الصورة الذهنية ستؤدي وظائف نفسية، واجتماعية، تؤثر في الرأي العام، وتوجهه ، باعتبارها مصدر آراء الناس، واتجاهاتهم، وسلوكهم؛ ومن أجل القول بأن هذا التنظيم لا يمكن القضاء عليه، رغم أن الدور الأمريكي يكمن في التأثير على الأحداث، وتشكيل مسارها من خلال استخدام الأدوات الدبلوماسية، والاقتصادية، والأمنية.
ضمن استراتيجية مواجَهة التطرف، والأفكار التكفيرية، وتفنيد الشبهات، وتصحيح أي مغالطات تؤثر على صورة الإسلام حول العالم ، يأتي توضيح رئيس حملة السكينة - الشيخ - عبدالمنعم المشوح - قبل أيام - في غاية الأهمية، من أن: «وثائق داعش المسربة - أخيراً - تساعد على فهم منهجيتهم، وإستراتيجيتهم في التفكير، والإدارة»، مؤكدا على أن: «التنظيم يحاول إيهام أتباعه بأنها دولة من خلال تلك الترتيبات، وتفاصيل المعلومات الموثقة؛ بهدف كسب تبعيتهم، وولائهم، وتصديق ما يحاول داعش بثه إعلاميا من وهم مُضخّم حول وجوده «، ومشيرا في نهاية الحديث، إلى أن: «استهداف داعش بهذه التسريبات سيؤدي إلى تراجع أتباعهم عن الولاء لهم».
يبدو لي أن العلاقة طردية بين تضخيم داعش، وحجم التحالف الأمريكي ؛ الهدف منه تسهيل التدخل الأمريكي المباشر على خط الصراع الدائر في المنطقة ؛ من أجل تفتيت وحدة العراق، وتوسيع الصراع السوري إلى حرب شرق أوسطية أشمل ؛ وليصب - أيضا - في خانة إعادة تفكيك المنطقة، ورسم خرائط جديدة لها تتناسب، وطبيعة المصالح ؛ الأمر الذي ينبىء عن إصرار على ارتكاب الأخطاء السياسية - دائما - ، على الرغم من سعي التنظيم الإرهابي الإظهار بأنه لا يعمل ضمن إطار المصالح الأمريكية، أو إضفاء طابع شرعي على الكيان الإسرائيلي.
تحاول وسائل الإعلام الغربية منح داعش بعدا سلطويا إقليميا كبيرا، يستطيع من خلاله أن يفرض على صنّاع القرار شروطه ؛ حتى وإن كانت أيديولوجية داعش المتطرفة ليست مصدر جذبها الرئيس، كونه يسعى إلى بث الرعب، والضغط على جمهور معين عبر تقديم صورته المخيفة - صوتا وصورة ونماذج مكررة -، - إضافة - إلى تقديمه رسالة تعبوية، وإرشادية عامة، موجهة إلى أتباع محدودين.
قد تعاني داعش في التجنيد على الأرض ، بينما يستمر نشاطها على وسائل مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال دوائر مغلقة منتقاة ؛ فكانت سلاحًا - أيضًا - في حرب نفسية، وتقديمه كأنه اللاعب الوحيد، أو الأساس في ما يجري - حالياً - في المنطقة ؛ من أجل تحقيق أهداف غير بريئة، لعل من أهمها: العمل على إيصال رسالتها السياسية، ونشر أيديولوجيتها الجهادية المنحرفة، وخلق واقع جديد يتحكم صانعوها في حدود تلك الوسائل إلى تأطيرها، بما يسمح لها بإيصال رسالتها المشوهة.