سعد بن عبدالقادر القويعي
في نقلة جديدة للدبلوماسية السعودية، فإن زيارة ولي العهد - الأمير - محمد بن نايف إلى فرنسا، ولقائه مع - الرئيس الفرنسي - فرانسوا هولاند، تعتبر حدثاً مهماً من حيث توقيتها، ومضمونها، وأدواتها، ونقاط الالتقاء، والتقارب، وذلك في ظل تسارع المتغيرات الدولية، والإقليمية على الساحة، والتي تتطلب تبادل الآراء، وتنسيق المواقف. إذ من شأن هكذا علاقات، الدفع قدما بعلاقاتهما التاريخية من خلال تفعيل الشراكة الاستراتيجية، التي أطلقت بين البلدين في عام 1996م، والتي يعد البعد السياسي فيها مهما، الأمر الذي أولاه الفرنسيون أهمية، وعناية قصوى.
تبقى فرنسا حليفاً قوياً، وجدير بالثقة في المساعدة على حل الكثير من الملفات العالقة في المنطقة؛ فالدبلوماسية السعودية - الفرنسية - عموماً -، أبرزت أنهما حليفان أكثر فاعلية، وموثوق بهما للتعامل لسنوات طويلة. وعلى سبيل المثال: فيما يخص الملف السوري، وتطويق بعض الملفات السياسية الساخنة - اليوم -، والعمل على تفعيل البعد السياسي في الشراكة الاستراتيجية ؛ بهدف المساعدة في التصدي لملف الإرهاب، وملفات عديدة أخرى، - سواء - تجاه إيران، وتدخلها في النزاع السوري، ودور حزب الله اللبناني في العمل على الإبقاء على النظام السوري، أو مناقشة مستجدات الأزمة اليمنية، والبحث في إمكانية حمل الحوثيين، وحلفائهم على الالتزام بالقرارات الدولية، وأهمها: القرار رقم 2216، والذي كان مجلس الأمن الدولي، قد اعتمده في شهر أبريل عام 2015م.
العلاقات بين البلدين تشهد قوة، وازدهارا، - سواء - في الجوانب العسكرية، والأمنية، أو في الجوانب الاقتصادية، والثقافية، والسياسية الأخرى. وتأمل تلك الزيارة إلى مزيد من التعاون الاستراتيجي بين البلدين، - لا سيما - في ملف الإرهاب، والأمن، الذي أصبح ذا أولوية في كل من فرنسا، والسعودية، والمنطقة، - خصوصا - مع ظهور الجماعات المتطرفة، التي تستدعي تضافر كل الجهود الدولية ؛ لمجابهتها، - إضافة - إلى تزامن هذه الزيارة مع إعلان مجلس التعاون الخليجي قرار تصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، ما يعني أن وجهات النظر الفرنسية - السعودية متطابقة، باعتبار أن فرنسا تؤيد المملكة في خطواتها التي اتخذتها للحرب على الإرهاب.
استطاعت المملكة تعزيز موقعها على الساحة الدولية من خلال الخيارات، التي اتخذتها في العديد من القضايا الدولية. وعلى أي حال، فإن أهمية البعد السياسي في العلاقة الاستراتيجية الفرنسية - السعودية، تكمن في اتفاق الرؤى حول المسائل الأمنية بين البلدين، وتكريس مجابهة أكيدة، ومثمرة على أرض الواقع للتوترات الأمنية، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج العربي، والمنطقة المتوسطية، - إضافة - إلى مكافحة أسباب التطرف، والعنصرية، والطائفية، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، والحد من ظاهرة العنف - بجميع أشكاله -، بما في ذلك العرقي، والديني. وهو ما يفهم من الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في هذا الباب، والتي أعلن عنها بين البلدان.