فهد بن جليد
شدت انتباهي تلك العجوز التي تُغالب دموعها وهي تتجول في أجنحة معارض الأيام الثقافية السعودية في جاكرتا، اعتقدت لوهلة أن ذلك بسبب المشاعر التي تُخالج كل مسلم عندما يزور معرضاً يتحدث عن الحرمين الشريفين، ولكنها ظلت مُتأثرة حتى عند رؤية الأزياء السعودية، وبعض الأكلات الشعبية، التمور.. مما حرّك فضولي؟!.
المشكلة كيف سأعرف ذلك وأنا لا أتحدث اللغة الإندونيسية؟ وإذ بها تتحدث اللهجة السعودية بطلاقة، لتخبرني أنها قطعت أكثر من 150 كلم من أجل الوصول إلى هنا، وأن دموعها بسبب تذكرها لتلك الأيام الجميلة التي عاشتها بيننا، حيث عملت في المملكة أكثر من 18 عاماً، حققت خلالها أحلامها ببناء منزل، وتربية طفليها عمر الذي تخرج مُهندساً، ومولانا الذي يعمل طبيباً، (آمنه) سفيرة للسعودية دون أن يُنصِّبها أحد، تقول دائماً ما أذكر فضل تلك البلاد عليّ، وعلى عائلتي، ومثلي كثيرون، وللأسف معظم من ينقلون صورة خاطئة عن السعودية لم يعملوا بها أصلاً.
الإندونيسيون عرفوا عرب الجزيرة العربية أكثر من غيرهم منذ قرون، من خلال أخلاق التجار المسلمين، وصدق تعاملهم، وطوال العقود الماضية احتضنت المملكة (الملايين منهم)، وكانت الوجهة الأفضل للأيدي العاملة الإندونيسية، إلا أننا لم نستثمر ذلك بالشكل الصحيح الذي يضمن أن يعكس كل (زائر أو عامل) حقيقة ما شاهده، وعايشه في بلادنا، فذلك مُنصف لنا، مُقابل ما تتعرض له صورة المملكة من تجن.
الأيام الثقافية السعودية في إندونيسيا محفل ثقافي إسلامي مهم، في دول إسلامية رائدة لها أهمية إسترتيجية وعمق مهم، تُشكر وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في وكالة العلاقات الثقافية الدولية بالإعلام الخارجي على إقامتها هنا في جاكرتا طوال هذا الأسبوع، حتى ننقل جزءاً من ثقافتنا السعودية الأصيلة، وجهود المملكة وقادتها - حفظهم الله - في خدمة الإنسان السعودي وأرضه، وخدمة المسلمين والحرمين الشريفين.. وللحديث بقية غداً.
وعلى دروب الخير نلتقي.