كوثر الأربش
من خلال حواسه الخمس يتبين الإنسان السليم الفرق بين الوهم والحقيقة، حتى ألعاب خفة اليد التي تشتغل على خداع الحواس، يمكن كشفها بالتركيز والقراءة والمزيد من الاطلاع على ما وراء هذه الحيل.
يقال إن رجلاً مشغوفاً بزوجته، طلبت منه يومًا أن يبيع بطة، بعد أن أقنعته أنها عنزة. وكلما سأله مُشترٍ عن سعر البطة، أخبره أنها عنزة. حتى ضاق ذرعا به أحد المشترين، قال له: سأريك ما أنا صانع بها، فطيّرها. لكن الزوج المختطف رد عليه: عنزة ولو طارت!.
قُلت مختطف، لأن العقول المختطفة تتصرف وفق ما تُلقن وليس حسب رسائل حواسها البيولوجية. و ليس كأي إنسان طبيعي؛ المختطف يمكن إقناعه بخلاف ما يرى ويشم ويسمع ويلمس ويتذوق، عن طريق حقن المعلومة من خلال قناة يثق بها، حدّ إلغائه عقله، وهذه ليست مبالغة، هكذا كذّبت أقوامٌ سابقة أنبياءها، قوم موسى - مثلاً - الذين اتخذوا عجلاً، رغم معجزات موسى «عليه السلام» البينة: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ .
ولأنه في كل عصرٍ سامري وعجل، وقطيع يعتقد أن العجل ربه.
يكذّبون الوضوح ويسقطون في قبضة الأفاقين والمخادعين، فإن أتباع داعش وملالي إيران هم مختطفو هذا العصر، وبامتياز أيضًا. مهما رتلوا القرآن بأجود الأصوات، فإن آيات قتل النفس المحرمة في القرآن لن تقنعهم، سوف يجدون كل الحجج لذلك، ويصدقون هذيانهم الخاص، وما يخبرهم به سادتهم من حجج. وفي اعتقادي الخاص أن محبي ولاية الفقيه أكثر ضلالاً من محبي داعش.
الأخيرون يفرحون بالقتل ويفرحون حين تعلن داعش تبنيها لتفجير ما.
أما محبو ولاية الفقيه لن يصدقوا أنها تمارس القتل الجائر أصلاً.
أذكر أني تناقشتُ كثيرًا مع هذه الفئة المسحورة، وحين أطرح سؤالاً عن رافعات المشانق، يقولون بسخرية بالغة، إنها فوتوشوب! حين ترصد لهم أعداداً وإحصائيات وصوراً لضحايا ومهجرين، سوف تجد الرد جاهزًا: فبركة إعلامية.
أي سحر ينخر عقول هؤلاء؟ السبت الماضي، صوتت 20 دولة مع القرار الأممي الذي أدان إيران بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، اعتمادًا على أرقام حقيقية ومرعبة لعدد إعدامات إيران وانتهاكاتها حقوق الأكراد والعرب والإيرانين أنفسهم.
لكنني وبعد أن انتهيت من قراءة الخبر، قلت في نفسي: حتى ولو صوّت الشعب الإيراني كله ضد حكومة الملالي ورافعات مشانقها، سيقول عشاقها: فوتوشوب!