سمر المقرن
من أهم الأسس والمبادئ التي تقوم عليها العلاقات العامة، تعزيز التواصل الإيجابي مع الجمهور والاهتمام بكسب رضاه وتأييده، إضافة إلى تحسين الصورة الذهنية عن الشخصية أو المؤسسة، فهذه المبادئ لم يختلف عليها خبراء هذا المجال ذي الأهمية القصوى، منذ عهد «إيفي لي» الذي يُطلق عليه «أب العلاقات العامة» حتى يومنا هذا.
ويبدو أن تلك المبادئ التي يقوم عليها مجال العلاقات العامة تفتقد للتطبيق الأمثل لدى بعض مؤسساتنا خصوصاً الحكومية منها، فمع مرور الأعوام لا نشهد ذلك التطوّر الواضح والمأمول، وإن كان هناك شيء من الاهتمام تجاه هذا القطاع فهو برأيي خجول جداً ويعاني من بطء شديد، إذ إن عدداً من المسؤولين لا يجيدون التواصل الأمثل مع وسائل الإعلام ومع جماهير مؤسساتهم التي يقودونها، وهذا يعكس عدم وجود أشخاص مؤهلين لتولّي الملف الإعلامي الذي من شأنه الإسهام في تحسين أو تشويه الصورة، فإدارات العلاقات العامة في الجهات الحكومية عموماً تكاد تكون مهمّشة وعشوائية ومن يقف عليها ليسوا على كفاءة مناسبة، بدليل ما يحدث بين فترة وأخرى من أخطاء كوارثية لدى بعض الجهات.
التصريحات الإعلامية للمسؤولين أحد أهم الأساليب التي يفترض توظيفها لخدمة المؤسسة، فالمسؤول لا يفترض أن يدلي بتصريح من دون أن يخضع لدراسة متأنية تراعي جوانب عدة أبرزها الزمان والمكان والفئة المستهدفة ومدى رضاها من سخطها، وهذه بالتأكيد تكون على عاتق الشخص المؤهل على مستوى العلاقات العامة والإعلام، لكن للأسف أن الاجتهادات لدينا تتفوق على الاحتراف.
في كل عام تظهر تصريحات إعلامية سلبية لبعض المسؤولين، ويمكن القول إن ذلك قد لا يحدث لو كان هؤلاء يعتمدون على إدارات علاقات عامة متميّزة، فخلال 12 شهراً أو أقل عايشنا عدداً منها، يأتي بينها تصريح «الفكر» الشهير، وهروب وزيرين من مقابلة طلاب إحدى الجامعات وغيرها، حتى وصلنا قبل أيام إلى تصريح وزير المياه والكهرباء الذي لم يراع حالة التذمّر لدى مختلف فئات المجتمع خصوصاً ذات الدخل المحدود منها، في الوقت الذي تحدّث فيه الكثيرون عن ارتفاع مبالغ فيه في فواتير المياه ظهر معاليه، وقال: «تكلفة فاتورة مياه المنزل لا تصل إلى نصف قيمة فاتورة جوال فرد واحد من الأسرة».
أكتب والعجب يملؤني، فكيف أدلى الوزير بتصريح «كارثي» كهذا والمجتمع يجمع على وجود خلل ما في الفواتير لا يبدو أنه يتوازى مع الارتفاع الذي تم إقراره حكومياً؟، وكيف أدرك الوزير أن نصف فواتير الهاتف الجوال لدى الفرد السعودي تزيد قيمتها على فاتورة الكهرباء؟، فإذا كانت نصف فواتير أبنائك - يا معالي الوزير - تصل إلى الـ500 والـ1000 ريال فمن غير المعقول أن تتم مقارنة أوضاعهم بأوضاع أفراد المجتمع بمختلف شرائحهم، وبعيداً عن كل ذلك، هل انتهت المبررات والردود المنطقية حتى يتم الإسقاط على المجتمع بهذا الشكل؟.
العلاقات العامة تستحق من جميع المؤسسات والجهات المزيد من العناية والاهتمام، فمن غير المعقول أن تكون مهملة وهامشية لا يتجاوز دورها قراءة صحف وإعداد ملف صحفي يومي وكتابة أخبار تقليدية متشابهة وترتيب حجوزات المسؤولين والضيوف، فدورها الحقيقي أبعد وأعمق من ذلك، لذا على الجهات الحكومية أن تعي بأن نجاحاتها ترتبط بنسبة كبيرة بوجود إدارة علاقات عامة متمكّنة، والعكس صحيح مع إخفاقاتها.