رمضان جريدي العنزي
سأمنحك حدائي، وأسرج إليك خيولي، وأنضد لك الرمل، وأزرع لك البيد تلال من السدر والزيتون والزعتر، أيا وطني، يا ألق العنفوان، وزهو الذرى، وأتساع المدى، مسافرا أنا في رؤاك، جل قافيتي لك، عليك قصائدي تترى، مثل شمس تسيل على ضفة نهر، يا وطني، يا ماء يرسم في وجه الماء ماء، يا نهارات التجلي، تصبح للظمآن ماء، حين يجف غرين النهر، وينحسر عن ضفتيه الماء، يا خيلا تدق أديم الأرض، فتحرث حوافرها التراب، يا مهرولا في ثياب البهاء، مثل ذئب يهوي مطاردة الذئاب، نصل سيف لفارس تجلى لسيوف الأعداء، يا وطناّ يكسر الريح ولا ينحني، لم تهن، ولم تكسل، بل مشيت على بصيرة، بيدك تضم حنين النوق، وتصهل خيلها حين يجيء الغسق، حلمك جميل، وفي أصبعك خاتم من عقيق، موسم الأغصان أنت، وقلبك صلب لا يدب فيه الوجل، وحدك دهشة العالم، تعرف كيف يكون التعقل، وكيف تكون الحروب، يا لعمري، دهرك مثل زنبقة شفيفة، يا غزالة ترتع في فياض الربيع، رغم السموم المحيط، ما شخت يوما، ولا علا جبينك يوما بعض الشحوب، بك الأمنيات تكبر، ويزهو الشعر برأس الملأ، يا سيد الأوطان، كوابيس غيرك بلون السواد، وصمت الحداد، واليتم هناك يكبر، وأنت تزرع في الدروب الحقول، وفي الأفق لون البنفسج، وأرضك نخلا، وغيم عطرا، يا وطني، يا شجرا باسقا، يا حناء، يا عنبر، يا جدول ماء نض من الرمل كما المرمر، يا جوف التاريخ، يا فلسفة الغرس، يا مشعل حقل الحنطة بالفأس، يا الفكرة، يا الأسئلة، يا قاهر التيه، يا مزيح الخفافيش، والضباع، والوباء، والظلمة، والعلة، يا البحر، يا ملح الماء، أرضك الرمضاء صارت جنة، والجذر اليابس صار نبتة، وعطرك صار بوصلة، وجهك بهي، ووجه غيرك تصحر، لفصولك شأن، ألقت بحبائلها حولنا بهجة، مثل سحابة، صارت حكايتك العظيمة حكاية، لأنك فتحت في المستحيل طريقا إلى قمر لا يمل، فدعني أقول فيك ما أقول، لأن شمسك شمسي، والفضاء الذي اعتليت فضائي، لك مالي وهذا الخطاب لك، أو فليكن لي، والعارفون بك، يعرفون بأنك زرعت في الرمال المياه، ونحن الذين كنا نعيش شبه عرايا بالفلاة، فأخذتنا في المسير حيث السدرة التي عندها رواحلنا أنخنا، أهيل عليك التحايا، أهيل عليك الورود، أهيل عليك الكلام الجميل، من أسلافنا الأولون وحتى أحفادنا اللاحقون، فما فعلته فينا مستحيل، جلبت لنا الماء المصفى عذبا فراتا رغم الخطوب، حتى صرنا شموع لا تذوب.