علي عبدالله المفضي
عايشت كثيراً من قصص العشق الجميلة الصادقة التي تشرفُ معرفتها وروايتها لما تتسم به من رقي وأدب وبعد عما يخدش سير أصحابها، إذ لم يكن لها هدف أكثر من العشق النقي. ومن تلك القصص قصة عشق عذبة رائعة رقيقة بدأت منذ سن مبكرة لأحد شعرائنا الكبار، حيث بدأ عشقه بسرية تامة فلم يثق للبوح به حتى لأعز أصدقائه أو يطلعه عليه، وظل لسنوات وكأنه يخاف أن يفسد عليه أحد مشواره الرقيق.
كانت لقاءاته بمن أحب مليئة بالتردد والخوف والرهبة والحذر من أعين الرقباء، ولم تكن محبوبته أقل منه خوفاً وحذراً، فزياراتها له شحيحة وفي الغالب خاطفة ولكنها غنية مبهجة تجيء حين تجيء كالسحابة الندية التي تتسرب إلى عمق الروح وتمنح الحياة والسرور تذهب بهدوء ليبدأ الانتظار وإن طال غيابها ليقينه أنها ستجيء بلا موعد كما تفعل دائماً.
دللها وأخلص لها ومنحها أقصى ما يستطيع عاشق أن يمنحه لمحبوبته من العناية والاهتمام والتقدير والاحترام، ولم تكن هي أقل وفاء منه حيث أهدته أجمل اللحظات وأعذب المشاعر وأصدق الأحاسيس، ظل حافظاً لسرها وفياً مخلصاً معها إلى أن أذنت له بالبوح فأعلن عن حبه على استحياء ولما وجد ممن حوله التشجيع والمباركة صار يجاهر بحبها أمام الملأ وصار يصحبها في كثير من المجالس والمنتديات لثقته أنها تُشرف إذا حضرت.
أنها قصيدة الشاعر التي لا تمنح نفسها إلا لمن يستحق أن يُنسب إلى عالمها لترتقي به ومعه وتجاهر في عشقة ولا تتخلى عنه تحت أي ظرف ولأي سبب فهو عشقها الأبدي وحبيبها الوفي.
وقفة:
الحب مثل المطر ماله حدود ولا مواعيد
يبلّ غصن الشعور ويمنح القلب السعادة
للروح به فرحةٍ تورق وبه للعمر تجديد
وعن كل همٍ يذيب النفس به حضن ووسادة
وبه للسعادة طريقٍ يُوصل لعذب المواريد
لا منّ بيض النوايا رافقنه من مهاده