عبد الله باخشوين
بعيداً عن الأوهام التي تقول بها (نظرية المؤامرة).. والتي تعزز أطروحاتها بطريقة (تكتيكية) موحدة تعتمد (الإسلام) واجهة وهدفاً وغطاء. نقول إن الاستهداف الأساسى موجة ومبرمج ضد حكومات المملكة ودول الخليج.. وهذه الحكومات (العائلية) الكبيرة والقوية والتي لا يوجد شبيهاً أو مثيلاً لها في التاريخ الانساني الحديث.. خاصة وأن كل قوى الشر الداخلية والخارجية.. اختبرت قدراتها في مواجهة طغيان حكام أفراد لعبوا أدواراً (ديكتاتورية) متفاوتة.. وفي مواجهة قوة وطغيان (أحزاب) حاكمة.. ونجحت في الأنتصار عليها وتفكيكها ومزقت وحدة البلاد التي كانت تحكمها.. ولم يبق -استثناء- سوى جمهورية مصر العربية والمملكة ودول الخليج.
أما مصر فإن وحدة أرضها ومائها وترابها وأهلها.. هى وحدة تاريخية تعود لآلاف السنين.. ولا يوجد في (الوجدان) المصرى العام والخاص الموالي للحكومة والمعارض لها، من يحمل أو يفكر أو ينادي بتمزيق وحدة البلاد.. بهدف الاستيلاء على أجزاء منها وحكمها بفصلها في دويلات أو طوائف.
أما المملكة ودول الخليج.. فهي الرقم الصعب في المعادلة تاريخياً.. وموضوعياً.. وعلى سبيل المثال، فإن المملكة العربية السعودية قبل أن تصبح هذه الدولة المترامية الأطراف على يد الموحد العظيم الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمة الله-..لم يكن لها (حال) سابق يمكن أن تعود إليه.. بدعوة دينية.. أو بأعمال إرهابية.. أو حتى بقوة عسكرية.. بل إن وحدتها منذ أكثر من مئة عام هي التي أدت إلى تكاملها الاقتصادي.. وتكافلها الاجتماعي.. وقوتها الأمنية والعسكرية متوجة بوحدتها الدينية تحت راية (الإسلام).. كما حكمها العائلي المتوارث.. يقتصر على (العائلة المالكة) بطريقة شرعية تنفي وجود (شريك) أو تكتل عائلي آخر ينافسها عليه.
هذه الحقائق على وضوحها وثباتها في المملكة والخليج.. هي المحرك الأساسي والشرس لكل المتربصين بها.. ورغم كل الحرص والتحفظ.. فأننا نجد -من حين لآخر- من يصدق بعض تلك (التقارير) الصحفية والاستخبارتية المدسوسة التي تشير بأصابع الاتهام إلى بعض أفراد هذة العائلة الحاكمة او تلك وتقول بأحلام بالقفز على البيعة الشرعية.. سعياً وراء تحقيق مكاسب مالية ونفوذ وسلطة بمحاولة شق صف الأجماع.. وهي مقولات تنطلق من أوهام شيطانية يتم دسها كنوع من التحليل لبعض التصريحات والمواقف الآنية التي لا يمكن أن تصل بأصحابها.. ولو لمجرد التفكير في العمل ضد رموز بلادهم الذين يقودون مسيرتها الاقتصادية والتنموية والحضارية بطريقة شرعية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله الكريم ومباركة علماءها وهيئاتها الإسلامية العليا والتفاف مثقفيها وأهل الرأى.. وحماية شبابها الذي يحرس كل الأحلام التي تسعى القيادة الشرعية لتحقيقها.
لذا لابد من العودة لنقطة البداية.. لنقول إن أعداء المملكة والخليج وفي مقدمتهم دولة أسرائيل التي تدرك جيداً أنها كدولة عنصرية معزولة عن جيرانها.. الذين يملكون البترول وكل هذة الثروات التي تقود مسيرة بناء بلادهم.. هي المتضرر الأكبر الذي فشل في تحقيق أحلام توسعية.. وفشل في القضاء على فكرة تحقيق سلام عادل.. وفشل في استثمار تمزق دول الأحزاب والدكتاتوريات الفردية.. لوجود أنظمة الحكم في المملكة والخليج التي تمثل القيادة الحقيقية للمنطقة العربية.. سواء من خلال فعالية ثروات دول الخليج.. أو من خلال قوة نفوذ المملكة العرية السعودية التي تم الرهان على إسقاط نظام الحكم فيها منذ مطلع الخمسينات.. وتم ترك هذة المهمة للأنظمة العربية المغامرة وأحزابها اليسارية.. غير أن الزمن بكل تحولاته وتطور مسيرته الحضارية.. كان دائماً يميل لمصلحة المملكة كقوة إنسانية سليمة.. تدعم كل ما يخدم التطور الإنسانى.. وتبنى صداقة وتحالفات مع القوى الدولية المحبة للاستقرار والسلام الأمر الذي لم يبق سوى على ورقة (الإسلام).. ومحاولة (اللعب) على تناقضات (إسلام) المسلمين بين اعتدال وتطرف.. نجح في التحول من فكرة العداء لأسرائيل كمحتل ومغتصب فلم تعد الحقوق الفلسطينية مطلباً.. ولم تعد محاربة أعداء الإسلام والمطالبة بالحقوق العادلة هي المطلب.. لكن حرب الإسلام للإسلام أصبحت تدار على عدة محاور.. واستطاعت كل القوى المعادية أن تصنع في المخيلة الإيرانية وهم فكرة القضاء على أنظمة المملكة والخليج.. هذا الوهم الذي يقوم على تحريك الأقلية الإسلامية الشيعية.. لمحاربة الأكثرية الإسلامية التي تنبذ التطرف وتدعو للسلم والتعايش والاعتدال.
هذا على الجانب الأكثر وضوحاً في المعادلة.. أما حرب التقنية الحديثة التي تغزو أسواق السعودية والخليج بأنواع الأجهزة الذكية.. واللعب في ساحة الفنون للهيمنة على الأسواق والعقول.. بمواد محلية الصنع تلعب بمال المنتج والمستهلك على السواء.. فهذه معادلة أخرى وحرب أكثر شراسة.