خالد بن حمد المالك
ما الذي حدث في مصر خلال زيارة الملك سلمان لها، حتى تكون متابعتها بهذا الاهتمام، ولها هذا السقف العالي من الاهتمام. ولماذا هذه الزيارة تحديداً عن غيرها من زيارات الملوك والرؤساء والأمراء تُتابع بهذا الشكل، ويكون لها هذا الحجم من ردود الفعل، بينما هناك زيارات لمصر وغير مصر يقوم بها قادة كبار تمر دون أن تكون لها هذه الصورة أو هذا الشكل الذي تميزت به زيارة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية.
***
هذه الأسئلة وغيرها كثير، كانت جزءاً من أجواء الزيارة، ربما ظهرت لدى بعض الناس كما لو أنها تقليد تقدمه القاهرة مع كل ضيوفها، ويتناغم مع مناسباتها المماثلة، بينما الأمر ليس كذلك، فقد كان الملك سلمان ضيفاً مختلفاً، وكانت المملكة بشعبها نمطاً آخر، وكانت مظاهر الاستقبال وحفاوة اللقاءات، وما تم التوصل إليه من اتفاقيات شيء خُصت به هذه الزيارة، وحُضِّر لها بما يليق بمقام ضيف مصر الكبير، وهو ما يصعب تكراره أو استنساخه مع زعيم آخر.
***
صحب الملك سلمان معه مجموعة ملفات مهمة، موضوعاتها كانت تنتظر الحل منذ عقود من الزمن، وكانت تحتاج إلى معالجة نهائية، وإلى حلول سريعة، وإلى عدم استمرارها هكذا معلقة، أو تركها لمزيد من الوقت فيكون ذلك سبباً في تعقيداتها، فجاء سلمان بحكمته وبعد نظره وحضر السيسي بواقعيته لينفضا الغبار المتراكم عن كل الملفات، ويزيلا بأخوة صادقة عن الطريق كل المعوقات، ويصلا معاً إلى ما تم الإعلان عنه من نتائج كانت صادمة للأعداء، سارة للأصدقاء، ملبية لرغبة الشعبين الشقيقين.
***
خالجني خلال زيارة الملك سلمان لمصر شعور من الثقة والاطمئنان بأن هذا الظلام الدامس الذي يخيم على منطقتنا، وهذا الإرهاب الذي يضرب بقوة في عدد من دولنا، هي ظواهر إلى زوال، وأن التطرف لن يستمر يتمتع بحرية الممارسة والتمدد والتأثير، طالما أن خادم الحرمين الشريفين يحمل هم هذه الأمة، ويقوم بما يقوم به من جهد خلاق للقضاء على مصادر الفتن، والعمل على طي ما نراه من خلافات، وبالتالي بناء أفضل العلاقات بين دول المنطقة، كما رأينا ذلك في نتائج زيارته لجمهورية مصر العربية.
***
صوت سلمان في مصر، كان واضحاً وصريحاً، ومنسجماً مع ما ظل يدعو إليه من توحيد للكلمة، ونبذ للإرهاب، ودعوة للتنسيق والحوار والتشاور بين الأشقاء، وبالمختصر المفيد، تأكيده على أن يده ستظل ممدودة لكل من يسعى إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقتنا، إلى من يلتزم بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مبتعداً عن كل سلوك هدفه زعزعة الأمن، وبث الفرقة، وخلق عداوات، والتعرض لمصالح الآخرين.
***
هذا ما يقوله سلمان في كلماته، وفي مجالسه، ومباحثاته، وحيثما كان له لقاءات وحوارات واجتماعات مع الآخرين، بصوت واضح، ورأي سديد، وتعامل يرتقي عن الصغائر، وينأى بنفسه عن كل ما يؤثر سلباً على علاقاته وبلاده مع غيرها، بالقول والفعل، وبالممارسة المخلصة التي تتماشى مع التقاليد الراسخة في سياسة المملكة، ما لا يمكن لأحد أن ينكر هذه المواقف المثالية في سياسة المملكة ورمزها وملكها سلمان بن عبد العزيز.
(يتبع)