د. صالح بكر الطيار
في ظل التطور الريادي والألفة واللحمة التي تقودها المملكة العربية السعودية ضمن خطة لتقوية الصف العربي شاهدنا الأسبوع الماضي انعقاد أول قمة خليجية مغربية من نوعها في العاصمة السعودية الرياض بحضور قادة وزعماء دول مجلس التعاون والعاهل المغربي محمد السادس في قمة وصفت بنقطة تحول جديدة في مسار العلاقات الخليجية المغربية وبادرة قوية نحو تعزيز العلاقات بين دول الخليج والمغرب.
وبنظرة إستراتيجية نحو أهمية هذه القمة التي جاءت بعد أيام من الزيارتين الميمونة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر وتركيا وانعقاد القمة الإسلامية، وقبل يوم من انعقاد قمة خليجية أمريكية بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فإن هذه التحركات السياسية الإقليمية في منطقة الخليج والمنطقة العربية والشرق الأوسط تشكل أبعادا واضحة وخططا كفيلة ومسارات ثابتة نحو الموقف العربي الموحد وتعكس مساعي السعودية بحكمة وحنكة في رأب الصدع العربي واحتواء الخلافات وتوحيد المواقف من منطلق وحدة أمة إسلامية وعربية نحو تهديدات تعصف بالعالم العربي من كل جانب، وبعد سنوات من الحروب والفتن والثورات التي شهدتها المنطقة وتدخلات خارجية من إيران ووسط محاولة بث سموم الطائفية وفوضى الميليشيات في بعض الدول.
إن انعقاد قمة خليجية مغربية في هذا التوقيت وبهذا المستوى المؤسساتي والتفاعلي والإقليمي والتعاوني وبما شهدته القمة من إيجابيات من شأنه أن يخلق أجواء جديدة من العلاقات بين دول الخليج ودولة المغرب التي تتميز بأهمية إستراتيجية من حيث الاستثمار والموقع السياسي على خارطة العالم العربي حيث شهدت القمة توحد الآراء من حيث التهديدات التي تواجه المغرب ودول الخليج حيث أكد العاهل المغربي أن أي مساس لأمن الخليج إنما هو لأمن المغرب، وأكد أن هنالك مؤامرة تحاك ضد ما تبقى من الدول العربية وقد أجمعت دول الخليج لدعمها الكامل للمغرب في قضاياه وفي أمنه وفي أي تهديد يواجهه.
لقد انبثقت من القمة مجالات واعدة من حيث الاستثمار الاقتصادي إذا ما علمنا وبلغة الأرقام أن التبادل التجاري بين المغرب ودول الخليج قد بلغ في 2014 حوالي 28.6 مليار درهم (ثلاثة مليارات دولار) وتستورد دول الخليج من المغرب ما حجمه 26.8 مليار درهم (2.7 مليار دولار) تبلغ حصة السعودية ما يقارب 100 مليون دولار تقريبا مما يعزز وجود إضاءات جديدة في مسار التعاون الاقتصادي وأهمية توجه دول الخليج للاستثمارات في المغرب حيث أكدت دراسة صادرة من البنك الدولي وجود المغرب في المرتبة 75 من بين 188 دولة حول العالم فيما يخص البيئة الاستثمارية والتسهيلات المقدمة للأعمال والاستثمارات الخارجية.
وجود هذه القمة شرع قنوات جديدة للتسهيلات الاقتصادية ومجالات واعدة أمام الاستثمار الخليجي في المغرب الذي مر الأعوام الماضية بتحرك ولكنه لم يكن بحجم التطور الاقتصادي والاستثماري المتزايد الذي تشهده المغرب ويجعل منها بيئة مميزة للاستثمار الخليجي، وقد وجه العاهل المغربي رسالة واضحة لدول الخليج وللقطاع الاستثماري أبانت أن المغرب حليف اقتصادي لهم وأن كافة التسهيلات والأهداف المستقبلية ستكون حاضرة ومجدولة وميسرة، في ظل ذلك أرى أنه وجود هذه الخطوات من خلال انعقاد قمة بهذا الحجم والفعالية والتفاعل من شأنها خلق مستقبل سياسي مشرق دعمته الآراء المتوافقة في الحاضر والمستقبل إزاء التهديدات والتحديات التي باتت مشتركة في بين المغرب والخليج وأيضا أن هنالك بيئة استثمارية واعدة وبل ومنفردة للقطاع الاستثماري الخليجي في المغرب تجعله من أفضل الخيارات العربية في ظل الاتفاقيات المتبادلة وفي ظل القمة الخليجية المغربية الأخيرة التي فتحت دروبا ميسرة من التعامل والتفاعل مع مقتضيات المرحلة ومع متطلبات المستقبل الاقتصادي المشرق الذي سيحمل في طياته العديد من الإيجابيات وتحقيق الأمنيات في مجال الاستثمار بين المغرب وبين دول الخليج وسط بيئات مميزة من التسهيلات والإمكانات والإيجابيات.