محمد المنيف
الوجه كما هو معروف عنوان الإنسان والكاشف لحقيقة ما تخفيه أساريره يعرفها أصحاب الفراسة الفطرية عند العرب خاصة وعلى مر العصور وصولاً إلى المختصين في علم النفس في عصرنا الحالي..فمن خلال تعبير الوجه يستطيع الحاذق أن يعرف ما يخفيه من أمامه لأول وهله ومن ذلك حالات الحزن أو الامتعاض أو ردود الفعل تجاه ما يتلقاه من الآخرين عند سماع ما لا يرضيه كما يمكن للفرد أن يرسل رسائله الإيحائية من خلال لغة الجسد ومنها الوجه.
ولهذا فاستلهام الوجوه في الأعمال الفنية التشكيلية وكما نعرفه في كثير من تجارب فنانين عالميين جعلوا من الوجه مادة لكثير من لوحاتهم وكذلك المصورين الفوتوغرافيين، إلا أنّ ما نراه اليوم في لوحات غالبية الفنانات باعتبارهن الأكثر اهتماماً بهذا الأمر واتجاههن إلى رسم الوجوه النسائية، فأصبحت ظاهرة لا يخلو منها معرض..
أعود للعيب الوحيد في هذا التوجه مع استثناء مستوى التنفيذ..فالعيب يكمن في أن أولئك التشكيليات يقمن برسم الوجه لإبراز قدراتهن التي كثيرها غث (ضعيف جدا) ينقصه التدريب الطويل، مع ما يلاحظ من ميل الرسامات إلى التزويق وتوزيع الألوان بأسلوب المكياج..دون أي اعتبار لبيت القصيد في نظرتنا لمعارض رسم الوجوه فمنها ما يعتمد على رسم شخصيات تاريخية أو عائلية أو شخصيات اجتماعية بأسلوب أكاديمي دقيق له مختصون معروفون على مستوى العالم أما الجانب الآخر في رسم الوجوه فهي التي تحمل معاني ورسائل ومؤثرة لم تستوعبها رسامات الوجوه في محيطنا المحلي ما يدل على أن تلك المجموعات من الرسامات (وليس الفنانات) قليلات الاطلاع على أعمال من جعل من الوجوه مواضيع للوحاتهم..على المستوى العربي والعالمي التي صد منها الغوص في أغوار المشاعر وأبعادها، الآمها، وأفراحها.
لقد أصبحت بعض مشاركات الرسامات في المعارض المحلية مدعاة للاستهجان والملل كونها لا تهم الزائر والمتلقي حينما تكون وجوه تبرز فيها ملامح الجمال في الأعين والشفاه أو ما تضيفه الرسامة من إغراء في مد الرقبة أو حركة ميل الوجه بالغنج والدلال وكأن تلك اللوحات تصميم لدعاية عطورات أو أدوات زينة.
ما يكشف أن كل ما نشاهده في المعارض نقل عن صور من مجلات أو ما يعرض في الانستقرام لعارضات تصاميم الأزياء أو الإكسسوارات. وهذا أمر لا يمكن الاختلاف عليه فالرسامة مهما أجادت لا تستطيع رسم من الواقع مباشرة لإحدى قريباتها أو لشخصيتها تبعا للعادات التي نحترمها. وهنا يطرح السؤال.. لماذا هذا التوجه لوجوه فارغة جامدة مملة.