فاطمة العتيبي
من واقع خبرتي في الإدارة التي أمتدت نحو 18 عاماً لاحظت أن الصلاحيات لا تعطى ولا تنتزع بل تُمارس!
فكثير من المديرين يمنحون الصلاحيات من روؤسائهم لكنهم يتخوفون من ممارسة هذه الصلاحيات مع أنها منصوص عليها في تنظيمات عملهم وصياغتها واضحة بل وملزمة. وهذا ليس على مستوى الوزارات والإدارات الوسطى بل أمتد نحو المدارس.
فمديرو المدارس والذين منحوا وصف (قائد) على سبيل التقدير لأدوارهم الهامة. منحوا صلاحيات لكن ممارسة الصلاحيات تتطلب وجود عوامل مساندة، فالتمكين لا يكون بأن تمنح الصلاحيات وحسب بل لا بد أن يتزامن معها وجود ميزانية مالية كافية وكوادر بشرية مؤهلة وإشراف ودعم ثم رقابة ومحاسبية.
مثال على ذلك القرار الصادر في تاريخ 1ربيع الثاني 1437 بتوقيع وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى. الذي تضمن 60 صلاحية، بعد الاطلاع عليه وجدته من ناحية المبدأ جيداً, فهو يستهدف تمكين قائد المدرسة من مباشرة عمله وتقليل الإجراءات وسرعة تسيير العمل، لكن بعض الصلاحيات لي عليها ملاحظات وبعضها فيه ثغرات قانونية.
سأتحدث اليوم عن الصلاحيات المتعلقة بالمخاطر العالية على حياة الطلاب:
الصلاحية رقم 4
وتتضمن تحميل قائد المدرسة وحده أو من ينوب عنه في حالة غيابه بإيقاف اصطفاف الطلاب أو الخروج في الفسح للأفنية إذا كان هناك سوء في الأحوال الجوية الخطيرة.
الصلاحية رقم 12
تتضمن السماح لقائد المدرسة بأن يعلق الدراسة لمدة يوم واحد في حال انهيار جدار أو سقف أو ماس كهربائي أو حريق شريطة أن يعد القائد محضراً ويرفعه لجهة عمله.
الصلاحية 51
وتعطي هذه الصلاحية لقائد المدرسة الحق في التعاقد مع شركات الصيانة حسب الميزانية للأمور الطارئة.
والملاحظ أن هذه الصلاحيات تجعل قائد المدرسة (وزارة)
لكن بدون ميزانية كافية!
كما أن هذه الصلاحيات تتطلب وفرة في ميزانية الصيانة التي أعلم إنها لا تكفي حتى للتعاقد مع عاملين يأتون مرة واحدة في الأسبوع!.
مع ملاحظة أن تفويض الصلاحيات لا يخلي مسؤولية المفوض، فغاب التدرج وتوزيع الأدوار من الأعلى للأدنى، فقرار الصلاحيات المذكور هو قرار صادر من وزير التعليم وفيه تفويض لقائدي المدارس بستين صلاحية وفي ذلك إلغاء للإدارة الوسطى وهي إدارة التعليم مع أن جزء كبير من صلاحيات قائدي المدارس هي في الأصل مهام مدير التعليم مثل التعاقد مع شركات الصيانة وتعليق الدراسة وغيرها.
المتوقع من وزارة التعليم إعادة النظر في هذا التعميم خاصة بعد ذهاب أرواح بريئة في المدارس، وفي حال التحقيقات لا تتحدد المسئولية لأنها لم تحدد أصلاً وفي ذلك تفريط في حقوق المواطنين. وأقترح إنشاء مجلس أمور في كل مدرسة وتفويض المجلس بجزء من الصلاحيات بمشاركة قائد المدرسة وهذا يتطلب تفصيل لمن يهمه الأمر.
بقي أن أقول أن الصلاحية رقم 60 في التعميم طيب الذكر والتي تتضمن منح إجازة يوم لمن رزق بمولود وهي إجازة تدخل في التحفيز على الزيادة السكانية مع أن آخر الإحصاءات الرسمية تقول إنه يولد كل ساعة في السعودية 55 طفلاً (مواطن وليس مقيم) ما شاء الله، ويتضح من ذلك حجم التنسيق العالي بين منظماتنا ومسؤولينا ومدى وعيهم التنموي واستفادتهم من الأرقام كمصدر من مصادر دعم القرار!