محمد حطيني
ثمة عناصر عديدة لا بد أن تجتمع معا في دولة واحدة حتى تتمكن من تولي القيادة في محيطها الذي توجد فيها، لاسيما في محيط تنتمي دوله إلى الدين الواحد واللغة والواحدة، بما فيها القدرة السياسية والعسكرية والاقتصادية والبشرية، وهي عناصر اجتمعت على هذه الشاكلة في المملكة العربية السعودية التي سيسجل التاريخ لها بأنها أرض الحزم والعزم والأمل، والقول والفعل، أرض العطاء والبناء، والإخاء والبناء، والاقتدار والاستقرار،
كما سجل لها الماضي كما الحاضر مد يد العون للشقيق والصديق ماديا ومعنويا والاستمرار في تقديم المساعدات المالية السخية لهم في مواجهة أعباء الحياة الصعبة، بالرغم من الظروف والأحوال التي تتطلب منها حشد طاقاتها وإمكانياتها كافة ومواجهة التحديات الجسام دفاعا عن الأمة وكينونتها، والتخلص من المكونات الفاسدة فيها، هذا مع إطلاقها لمبادرات متتابعة، مفاجئة ومبهرة، برهنت من خلالها على قدرتها في قيادة الأمة العربية، بل وحتى الإسلامية، في ظل اعتقادات سادت بوهن ضرب خاصرة الأمة، ضربة لن تفيق منها بفعل قوتها لوقت طويل.
وقد كانت المملكة العربية السعودية وما زالت وستظل قائدة للأمة الإسلامية جمعاء بتاريخها وأفعالها وأقوالها، دينيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا، فهي القائمة على خدمة الحجاج والمعتمرين، وصاحبة السقاية والرفادة، وداعم القريب والبعيد دون منة على أحد، ديدنها في ذلك خدمة الأمة والإسلام والمسلمين في أرجاء الأرض كافة وحتى من هم من غير المسلمين، وما مركز الملك سلمان للإغاثة إلا شاهد قوي على اليد الحانية والكريمة للمملكة وقيادتها الحكيمة في إغاثة المحتاجين والمكلومين في العالم، ما أثار حسد الحاسدين وكيد الكائدين، للنيل منها، بيد أنهم سيظلون عاجزين عن تحقيق مؤامراتهم الدنيئة في ظل قيادة تسهر على أمنها واستقرارها وتحميها من عبث العابثين، كما أن الملايين من جنسيات مختلفة، يعملون بها آوتهم، ووفرت لهم سبل العيش الكريم، يعملون فيها بكل احترام وتقدير وأمان واطمئنان.
والمملكة ذات نفوذ عالمي سياسيا واقتصاديا، مسموعة كلمتها، والدول تبحث سبل التعاون معها في شتى المجالات، والزيارات الرسمية إليها تتواصل على جميع المستويات، من دبلوماسيين، ووزراء ومستشارين وأعلى القيادات. فالمملكة أحد أعضاء مجموعة العشرين أكثر الدول المؤثرة في العالم اقتصاديا، ورائدة دول مجلس التعاون الخليجي، وفرت للمجلس أسباب البقاء والاستمرار بكل اقتدار، وأمانته العامة في الرياض، وهي عضو مؤسس في الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومستضيفة أمانتها أيضا، وشاركت بجنودها في الحروب العربية على أكثر من صعيد، كما لا يخفى أنها صاحبة أكبر دور مؤثر في مجال الطاقة في العالم، إذ إنها تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم وأكبر منتج له أيضا، ومكانتها محفوظة في الدول المصدرة للنفط (أوبيك).
ومما يبعث الحياة والأمل في النفوس أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تدفع بالعالم العربي إلى آفاق جديدة من اللحمة القوية والتعاون البناء بين أبناء الجسد الواحد، جمعتهم عسكريا وسياسيا في ظل ظروف بالغة الصعوبة تكالب فيها أعداء الأمة عليها في أكثر من دولة من دولها، فوقفت سدا منيعا في وجه منبع الشرور في المنطقة دولة الملالي في إيران، وممن صنعوا كيانات إرهاب حاولت التطاول عليها، كان لها جنودها البواسل بالمرصاد، مرابطين على الثغور حماية لدينهم ووطنهم، فأطلقت عاصفة الحزم وإعادة الأمل، في اليمن وهي قائدتها، وأوقفت المد الصفوي الذي يعاني مترنحا موقفه، مترددا في فعله، أحس بعصا غليظة لم يعهدها في سالف الزمان، ولما يزل وسيظل عاجزا عن الوقوف على قدميه، بفعل الضربات التي يتلقاها متوالية من مملكة الأمن والأمان التي عزمت على استئصال شأفة شروره وحلفائه في المنطقة العربية، كما في سوريا، وفي لبنان، بفعل لا يستكين، وهمة لا تلين، حتى لا تقوم له من بعد قائمة على مر الأيام والشهور والسنين، كما لا يخفى امتداد تأثير المملكة سياسيا وعسكريا واقتصاديا في آسيا وإفريقيا، ودول أمريكا اللاتينية وأوروبا نفسها، وتلعب دوراً رئيساً في التحولات التي يشهدها العالم.
أما التحالف العسكري العربي الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة، فكان مفاجأة للقاصي والداني، إذ لم تسجل الأيام أن دولة عربية واحدة في العصر الحديث حققت في سنين ما حققته السعودية بقرار واحد، عملت فيه على شمل الأمة وتحقيق أمانيها وغاياتها، في حلف عسكري واسع نطاقه، كبير في حجمه، ضارب في قوته لمكافحة الإرهاب، قامت جحافل قواته بإجراء تدريبات عسكرية تعزيزا لقدراته، واستعدادا لتنفيذ مهماته باحترافية ومهنية عالية، وما كان كل ما سلف ذكره ليتأتى إلا بقدرات جلية ومقومات تؤهل المملكة العربية السعودية للاستمرار في قيادة الأمة العربية لفترة طويلة من الزمن.