سلطان المهوس
انتفض الأمير نواف بن سعد بعد مباراة الهلال والفتح في الجولة الخامسة عشرة من الدوري، التي انتهت بالتعادل بثلاثة أهداف للطرفين موجِّهًا سهام النقد لاتحاد الكرة ولجنة الحكام والحكم فهد المرداسي، بل حتى الاتحاد الآسيوي الذي يبعد مسافة 6296 كم عن ملعب المباراة..!! كان التصريح الأبرز للرئيس حتى مباراة الأهلي (الجمعة)، التي أعلن بعدها رحيله رابطًا الأمر بقرار أعضاء الشرف..!!
بين ثنايا الحدثين لابن سعد (أحترمه كثيرًا وأقدر تاريخه) غابت شجاعته الحقيقية مفضلاً عدم الاعتراف بأن كل الفرق بالعالم تنكوي بنار الأخطاء التحكيمية، وبأنه يقود كتيبة فريق ضعيف ومزاجي، يتلاعب داخله عناصر، أصبحوا باستراتيجيته الإدارية أكبر من الهلال وتاريخه. فالشمراني اللاعب المحترف صاحب العقد المليوني والراتب الضخم والحظوة الخاصة يرفض أن يلعب احتياطيًّا، ويصر على أن تكون علاقته بمدربه سيئة، فيما سالم الدوسري أصبحت أبرز اهتماماته الاستعراض الفردي والاعتراض على الحكام والمزاجية الفنية، ومعه نواف العابد الولد الذي لا يلعب إلا تحت رضاعة الدلال، فضلاً عن كبيرهم الذي أصابته العدوى سعود كريري صاحب بطاقتي الطرد في أهم منعطفات الموسم الكروي، أخذهما برعونته وقلة تركيزه وسوء استخدامه خبرته، وكأنه يقول: الموت مع الجماعة رحمة..!!
من يرغب في أن يدرك حقيقة الهلال فعليه أن يجمع كل الدفاتر، وأن لا يحمل ذاكرة السمكة؛ لينسى في غمرة احتفال ببطولة سريعة أن الفريق عجز عن تحقيق بطولة النفَس الطويل (الدوري) خمسة مواسم متتالية، فيما خطفها فريق جديد على ساحة بطولة الدوري اسمه الفتح..!!
أجد أن من يرمي سهامه نحو المدرب دونيس يهرب من كل أطراف الخيبة، والعاطفة لم تعتد سوى ضحية واحدة كافية لتروي ظمأ الغضب..!!
لا يستطيع أي مدرب في العالم أن ينهض بفريق داخله عناصر لا تؤمن بالانتصارات، وقبل ذلك تضحي من أجل ذلك، وتحترم الشعار الذي ترتديه بكل إخلاص..
ماذا لو تم توزيع إخلاص وجهد ياسر الشهراني على أشباه النجوم؟؟
أو تم تعليمهم هدوء وحرفنة واحترافية البريك؟؟
من لم يذق طعم الخسائر لن يعرف طريق الانتصار..
دفع الأهلاويون مئات الملايين، ولم يستوعبوا أن الأموال لا تجلب البطولات الكبرى، وعندما التفتوا لقيمة عطاء اللاعبين كسبوا رهان التاريخ أخيرًا..!
مشكلة الهلال ليست بعضو شرف يبسط جناح البذل بشروطه..!!
ولا بشللية شرفية فاحت رائحتها بعد أن أصبح الكبير بالمال فقط..!!
مشكلة الهلال بأنه لا يزال يفوت الزمن لبناء مؤسسة كروية احترافية بصياغة متوافقة مع فكر اللاعب السعودي؛ فالاجتهادات سيدة الموقف، واللاعبون هم من يتحكمون بكل شيء، والدفاع عنهم حتى في أسوأ حالاتهم جعلهم الأقوى نفوذًا حتى من المدرب والرئيس..!!
يعيش الرئيس.. يسقط الرئيس..
يعيش المدرب.. يسقط المدرب..
ستجعل من الهلال أطلال تاريخ؛ فقواعد التنافس أطلقت بوصلتها الجديدة، والركض بالأحصنة المتهالكة لا يليق داخل مضامير الكبار..
قد يمرض الهلال..
الخطر أن يتم تشخيص علته بالخطأ..!!
الحقوا هلالكم، واشتروا له كبيرًا، واجعلوا من ارتداء شعاره شرفًا لا ترفًا..!!
أخيرًا..
شكرًا للأهلي ومحبيه..
إضاءاتكم جميلة وراقية..
قبل الطبع
«لا يغرق المرء لأنه سقط بالنهر، بل لبقائه مغمورًا تحت سطح الماء». باولو كويلو