علي عبدالله المفضي
لم يكن الشاعر المذهل والملفت والمبدع (سعد بن جدلان) رحمه الله شاعرا عابرا يكتب القصيدة فقط وإنما كان يكتب نفسه على شكل قصيدة، لم يكن ينمق ما يقول وإنما ينساب تلقائيا كدمعة الحزن أو الفرح المتجاوزة لكل الموانع والبروتوكولات الاجتماعية ولم يكن يبحث كبعض الشعراء عن فكرة جديدة أو معنى أو يجهد نفسه ليحصل على أي منها بل تتدق معانيه وأفكاره دون تصيد.
اخلص (بن جدلان) لفنه وصدق معه ومع نفسه ومع الناس ولأنه لم يكن ذلك المُرتب في مشاعره وأحاسيسه ومحبته وتعامله حيث لم يكن (سعد) ظاهريا إلا كما هو داخليا لذا صدّقه الجمهور وأحبه بكل فئاته دون استثناء ولأنه كذلك فقد كرّمه الشعر بأن أعطاه مفاتيحه السرية، ولأنه تفرد في تناول قضاياه أفردت له القلوب والمشاعر والصفحات مساحاتها وتزينت بأبياته وقصائده.
لم أصادف منذ أن قرأت له منذ أكثر من ثلاثة عقود إلا من يشيد به ويردد أبياته ويتمثل بها كما لم أشهد من الشعراء من تنطلق قصائده إلى الناس بسرعة البرق ويتناقلها الجميع ويفرحون بها وكأنهم أصحابها وربما لم يكن يعلم بدقة مدى حجم جمهوره ومتابعيه وقد خطر لي أن أدخل اسمه في محرك البحث (قوقل) ولم أفاجأ أن اسمه قد تجاوز وروده خمسمائة ألف نتيجة رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة ووالدينا وجميع موتى المسلمين.