علي الخزيم
مع كل فجر لي وقفات مع السرور، وكثيرًا ما حالفني التوفيق إلى إمضاء زمن قد يطول أو يقصر مع لحظات السعادة التي طالما بحثنا عنها وهي بيننا، أو كما قال فيلسوف: إننا نبحث عن السعادة غالبًا وهي قريبة منا، كما نبحث أحيانًا عن النظارة وهي فوق عيوننا. وحينما تزود نفسك بأسباب السعادة فحتمًا ستجعل مَن حولك سعداء بطريقة ما. وصناعة السعادة ليست صعبة، ولا مكلفة، بل هي دائمًا مربحة؛ فبعد أداء فريضة صلاة الفجر يمكن الانطلاق نحو رياضة المشي. وما أجملها من دقائق وأنت تسمع شدو العصافير على أغصان أشجار شوارع الحي، أو بالمضمار المعد للمشي في حيك. بعد هذه الجولة الممتعة جولة ثانية مع الصحف اليومية (وهنا مربط الفرس اليوم). وما المانع إن تعددت المرابط؟! فهذا سبب لإسعاد الفرس والترويح عنها. وللعلم، فالخيول كائنات ذواقة، وذات حس راقٍ. جولتي بين الصحف تبعث بين جوانحي مزيدًا من هنيهات الانشراح؛ فبين مقال جاذب، وخبر سار، ولقاء رزين، يبرز لي (عنوان صاعق)، إما يبعث على الضحك (إعجابًا به أو تندرًا عليه)، أو آخر يثير الشفقة إما على كاتبه أو مَنْ يعنيه العنوان ويتحدث عنه.
لنمضِ مع نماذج من هذه العناوين ومضامينها؛ ففيها شيء مما يقال:
دبلوماسي إيراني يدعو خامنئي إلى تحريم فريضة الحج، وتحويل الحجاج لمكان آخر غير مكة المكرمة، لحرمان السعودية من عائدات مصاريف حجاج إيران. ولا غرابة من كرههم للعرب؛ إذ إن كتابهم (الشاهنامه) القومية الفارسية يصفنا بالحفاة آكلي الجراد. وصحيح أننا ونحن حفاة نقتات الجراد حينها فعلنا ما أدهش العالم (رحم الله ابن الخطاب). وذاك شاعرهم (مصطفى بادكوبه) يخاطب الله سبحانه بقوله: يا إله العرب؛ أرضى أن تحرقني بقعر جهنم بشرط أن لا أسمع فيها حرفًا من لغة الأعراب! لكن نصر بن سيار قد خبرهم جيدًا إذ يقول:
(قوم يدينون دينًا ما سمعت به ** عن الرسول ولا جاءت به الكتب
ممن يكن سائلي عن أصل دينهم ** فإن دينهم أن تقتل العرب).
وعنوان يقول: عاقبت وزارة التعليم بدولة عربية (موجهة لغة عربية) لارتكابها أخطاء إملائية في أسئلة امتحان اللغة العربية التي وضعتها لطلاب الصف الثاني الثانوي، وصفتها الوزارة بالفادحة. وكمثال كتبت (التقس، سحيح، السواريخ). فهذه نتيجة التعيين بالواسطة. مثال آخر: مواطن بعد خلع السن السليمة لزوجته يطالب بتطبيق القاعدة الشرعية (السن بالسن)، أو بتعويض 50 ألفًا. فكيف الحال والغريم امرأة؟ وإليك هذا العنوان: أول مقهى للكلاب في نيودلهي حيث يمكن لهواة تربية الكلاب اصطحابها لتناول الطعام خارج المنزل لطرد الكآبة عنها. ويجهزون قسمًا للقطط. قطط وكلاب قد تكون مقبولة. لكن اقرأ هذا: مقهى في اليابان مخصص لتدليل القنافذ واللعب معها. ونظرًا للزحام سينتظر (سعادة القنفذ) ساعات عدة حتى يتمكن من الدخول والاستمتاع بصنوف التدليل والأجواء الحالمة رغم أن تكلفة الساعة تعادل الأربعين ريالاً.