محمد حطيني
يُطل جواد ظريف، وزير خارجية النظام الإيراني، من جديد في لقاءاته الصحفية، مصرحاً بأن بلاده يمكنها العمل مع المملكة العربية السعودية بشأن النزاع في سوريا، والتهديدات المشتركة لكلتا الدولتين. وهو تصريح لا يقرأ فيه ولا يستدل منه إلا تسويق إيران بلداً باحثاً عن الاستقرار في المنطقة ينشد إقامة علاقات أخوية مع دوار الجوار العربية، وأولها المملكة العربية السعودية، وطرفاً يعمل على حل المشكلة السورية، وإيجاد الحلول للمشاكل الأخرى القائمة في المنطقة العربية ومنها الإرهاب بأشكاله كافة، الذي تعاني منه إيران، وأشقاؤنا في المملكة، كما يقول الوزير.
معالي الوزير: إن كانت إيران جادة فيما تفوهتم به، فليس عليكم إلا أن تبادروا باتخاذ إجراءات ملموسات على الأرض لإظهار حسن النية تجاه مملكة عربية إسلامية تعمل على خدمة الإسلام والمسلمين، وتحترم الآخر ولا تتدخل بشؤون أحد، بخلافكم أنتم تعملون على إثارة الاضطرابات والفتن في المنطقة، حتى أن مواسم الحج التي ينبغي أن يكون عنوانها العبادة والطمأنينة لم تسلم من مخططاتكم وشروركم وعبثكم، مع أن موسم الحج، كما تعلمون من أكثر المواسم قدسية في العالم الإسلامي، ولا رفث فيه ولا فسوق ولا جدال.
وما دامت الأفعال قبل الأقوال حصراً هي التي يؤخذ بها على محمل الجد وأساساً لسياسات الحكومات الرسمية، فإن أولى الخطوات العقلانية التي ينبغي على إيران اتخاذها في هذا الصدد أن تقدم اعتذاراً علنياً، صريحاً وواضحاً، على أعلى المستويات إلى قيادة وحكومة وشعب المملكة العربية العربية السعودية عن حادثة حرق السفارة السعودية وقنصليتها في طهران ومشهد، وهو اعتذار تستحقه المملكة بكل المقاييس عطفاً على حجم الحدث وهمجيته، ونذكر بأنه تم على مرأى من هرم النظام في إيران، وكذلك وقف التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة توقفاً تاماً بصورة لا تقبل التأويل، وأياً تكن الذرائع. على إيران في ثانية الخطوات أن توقف، على الفور، تدخلها في الشأن السوري من خلال الانسحاب غير المشروط لقواتها وميليشيا حزب الله اللبناني من الأراضي السورية، والنأي عن سياسة الشعارات البائسة المثيرة للسخرية في تحرير فلسطين عبر دمشق ودرعا وحلب، وغيرها، وأن تفك حصارها عن المدن والبلدات السورية التي تعاني الأمرين، الحصار والجوع، وبرودة الطقس الشديدة السائدة في المنطقة هذه الأيام، ووقف قتالها المستمر إلى جانب النظام، وهو الذي يستقرأ حتى الساعة بدليل مقتل عميد سابق بما يسمى في الحرس الثوري الإيراني كما أفادت به وسائل الإعلام الإيرانية يوم 13 فبراير 2016.
على إيران أن توقف كذلك تدخلها في اليمن، وإمداد الحوثيين بالمال والسلاح، بما يعمل على استتباب الأمن، وعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي هناك، وبما يضمن سيادة القانون، في ظل الحكومة الشرعية للدولة، هذا إضافة إلى التوقف عن إثارة النعرات الطائفية في المنطقة، التي لم ينتج عنها إلا تعزيز عنصر الكراهية والحقد لدى البعض ممن يؤمن بالسياسات التي تعود مرجعيتها إلى طهران وقم وتتم تغذيتها من هناك. على إيران كذلك إثبات حسن نوايها تجاه دول الخليج العربي الأخرى خاصة البحرين والكويت، وعدم إثارة الفتن والاضطرابات فيهما، ورفع أيديها عن العراق العربي، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وعدم التبجح من جديد، بالسيطرة على أربع عواصم عربية. هذه الإجراءات وربما ثمة أخرى غيرها، لازمة وضرورية، ينبغي على الدولة الإيرانية القيام بها وتنفيذها، بشكل صريح لا لبس ولا شك فيه، قبل أن تفكر في طلب تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإقامة علاقات حسن جوار مع دول الخليج العربية خصوصاً والدول العربية عموماً، وإلا، فإن كل ما يصدر عن الحكومة الإيرانية، سيظل ينظر إليه على أنه لا يأتي إلا من باب الاستمرارية في سياسة المراوغة والخداع والكراهية، وهي سياسة قديمة عفى عليها الزمن، وسنظل نردد تجاهها بأصواتنا (يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويروغ منك كما يروغ الثعلب).