سعد السعود
توج الجزائري رياض محرز مع فريقه ليستر ببطولة الدوري الإنجليزي خلال جولة الأسبوع المنصرم .. وكان الجزائري ذو الجسم النحيل أحد أهم أسباب هذا التتويج حيث سجل 17 هدفاً لفريقه علاوة على صناعته لـ 11 هدفاً .. وهي الحصيلة التي أهلته لينال أيضاً لقب أفضل لاعب في الدوري هناك .. قصة كفاح تستحق التأمل .. ورواية نجاح تستحق التصفيق .. ومجلد احتراف أتمنى أن يُقرأ .. فما حققه محرز لم يكن يدر بخلد أحد عند قدومه قبل عام من لوهافر الفرنسي بصفقة لم تكلف ليستر سوى 450 ألف يورو أي أقل من مليوني ريال سعودي .. لتدر على الفريق الأرقام والبطولة الأهم والألقاب الشخصية .
بمقابل هذه الصفقة زهيدة الثمن وما حققته من منجزات وما كتبته من تألق في المستويات .. بمقابل هذا قارنوه بما لدينا من بذخ مالي وما خلّفه من نتائج .. فقد أصبحت فاتورة الموسم مكلفة جداً وتصل المصروفات لأرقام فلكية .. أما فنياً فالعلاقة عكسية مع المبالغ فلم نشاهد لاعباً يستحق ما صُرف فيه ولم نرَ فريقاً يقدم عطاءً يوازي فاتورة ما دفعه .. فلازالت فرقنا في خصام دائم مع البطولات الخارجية الآسيوية .. ولازال الأخضر يترنح في كل بطولة يشارك فيها .. فبربكم من أين تأتي هذه الأسعار الباهظة ؟ ولماذا تدفع أصلاً بلاعبين لا يستحقوا حتى ربع ما يتقاضوه من أنديتهم ؟
خالد شراحيلي مثلاً الحارس الهلالي حديث الساعة هذه الأيام .. وقع عقداً بمبلغ مجزٍ نهاية عام 2011 مع ناديه وبظني وإن لم أملك معلومة مؤكدة لكني لا أشك إطلاقاً بأنه أعلى وبكثير من قيمة توقيع رياض محرز مع ليستر .. وبدلاً من تطوير خالد شراحيلي لمستواه وتقديم عطاء يوازي العقد الذي وقعه والنادي الكبير الذي سيدافع عن ألوانه.. إذ به يقع في المحظور ويوقف بسبب المنشطات لعامين .. ونظاماً فإنه طوال سريان الإيقاف يتم مباشرة وقف جميع الامتيازات المادية .. ومع هذا وجدنا ناديه يقف معه ويدفع له راتباً شهرياً يفيه احتياجاته طوال فترة إيقافه .. والنتيجة بعد ذلك ماذا كانت ؟ وماذا كانت ردة فعله تجاه صنيع ناديه له ؟! هل رد الجميل ؟ وأعاد للمرمى الأزرق هيبته ؟ .. للأسف إضافةً لما يقدمه من مردود فني متواضع وجدناه أيضاً يقع في مخالفات انضباطية وصلت للرقم تسعة حسب بيان النادي الأزرق ليوقف داخلياً بدل المرة مرتين .. فأين هي الاحترافية فيما يفعله ؟ ولماذا فرّط بكل مكتسباته بسهولة وسوء تصرف ؟ أمر يحتاج تمعن وتفكير .
حالة أخرى تؤكد ما نعانيه من إسراف مادي في الصفقات المبرمة بمقابل كساد فني بالمستويات .. نايف هزازي مثلاً كلف انتقاله للنصر من الشباب 28 مليون ريال .. أي أكثر بـ 14 مرة مما دفع في رياض محرز .. ومع كل ما صاحب انتقال هزازي للنصر من ضجيج .. وما كبّد ناديه الجديد من مبالغ سواءً بقيمة الانتقال الفلكية أو حتى الدفعات السنوية وهي التي لن تقل بحال من الأحوال عن 5 ملايين إن لم يكن أكثر .. مع كل هذا ماذا كانت النتيجة ؟ وماهية كشف حسابه هذا الموسم ؟ .. لم يشارك أساسياً سوى في 8 مباريات .. ولم يصافح الشباك سوى في 3 مناسبات .. عدا ذلك فلم نشاهد منه شيئاً سوى تسلله وخروجه من معسكر المنتخب .. ليتم بعدئذ تغريمه من إدارة المنتخب وإيقافه من ناديه .. هكذا ببساطة برهن نايف هزازي على استحقاقه للملايين!
لا أدري .. هل أكتفي بهذين المثالين أم تريدون المزيد ؟ .. فالجعبة مليئة بالصور المشابهة .. ممن لم يقدموا الإضافة .. بل كانوا عالة على فرقهم في أحلك المواقف .. وقائمة المتمردين طويلة .. والذاكرة الرياضية حبلى بالأمثلة .. فكم من لاعب ساوم ناديه في الأمتار الأخيرة من الموسم ؟ .. وكم من لاعب شارك بعيداً عن عيون ناديه في مباريات حواري ؟ .. وكم من لاعب مارس سلوكيات وتجاوزات لا تليق به ولا بناديه ؟ .. ولكن حسبي من الإشارة ما أحاط بالعنق .
أما على الضفة الأخرى وأعني هنا النماذج المشرفة .. فللأسف هي أندر من الماء في الصحراء .. وتكاد تعد على أصابع اليد الواحدة .. وهي الفئة التي حافظت على نفسها ومستواها طوال احترافها .. وقدمت عصارة تعبها لناديها والمنتخب لتكون قرينة للمجد وصديقة للتتويج في أغلب مواسمها .. ومثل تلك النماذج هي من يستحق التكريم والاحتفاء .
أخيراً، أتمنى عاجلاً العمل الجاد على الحد من الصرف المالي في رياضتنا والذي لم نجنِ منه سوى غرق الأندية بالديون وهرولتها تجاه القروض .. وذلك بوضع أنظمة وقوانين تحد من التضخم في أسعار اللاعبين .. مع مراقبة تنفيذ السقف الأعلى للعقود لمحاصرة أوراق الاتفاقيات بين الأندية واللاعبين والتي تتم من تحت الطاولة حيث يتم من خلالها إغراء اللاعبين بمبالغ إضافية في مخالفة صريحة لأنظمة الاحتراف .. وللارتقاء باحترافية اللاعبين والرفع من مستواهم فإني أتمنى من اتحاد الكرة إجبار الأندية على التمارين الصباحية ليتعود اللاعب على الانضباط .. ولا أعتقد أن تلك الخطوة ستكون صعبة حتى في أجوائنا الحارة فأغلب الأندية يوجد فيها صالات داخلية يمكن استثمارها .. أما ترك الوضع كما هو فلن نتقدم خطوة للأمام .. فاللاعبون يتقاضون المبالغ العالية ولا يتدربون سوى ساعتين أو ثلاث في حين بقية يومهم موزع على السهر والنوم .. فأي مردود فني سنتوقعه بعد ذلك ؟!
آخر حرف
إنك لا تجني من الشوك العنب !