د. عبدالرحمن الشلاش
لماذا ظلت كثير من قضايانا الاجتماعية معلقة دون حسم قاطع ومرضٍ لجميع الأطراف أو معظم الأطياف على الأقل؟ تساؤل جدير بالطرح والتعمق في موضوعه في محاولة جادة للإجابة عليه.
أولاً أكثر ما يهم كل المجتمعات ومنها بطبيعة الحال المجتمع السعودي تسهيل وتيسير أمور حياته، وهي الأمور التي تساعده على مجابهة ظروف الحياة دون متاعب أو عوائق تذكر، ولعلنا نذكر من تلك القضايا مثالاً لا حصراً التعليم الذي يواكب العصر الحاضر، وتوظيف المرأة، وتنقل المرأة من بيتها لعملها بأي وسيلة كانت، ووسائل الترفيه بأنواعها، والعنصرية والتعصب والتصنيفات الفكرية لتقسيم أبناء المجتمع الواحد إلى أحزاب متضادة، والتحرش وغيرها من قضايا ظلت معلقة لأسباب كثيرة فألقت بظلالها على الحراك الاجتماعي نحو التنمية والتقدم!
أي قضية اجتماعية حين تدرس بعمق وروية بهدف حلها دون شك لن تظل معلقة كما هو الحال في القضايا التي ذكرت، لكن هناك من يريد لهذه القضايا أن تظل على حالها، وإن أثيرت يتم التعامل معها بنوع من السخرية والازدراء الذي يصل في بعض الأحيان للسب والشتم والإقصاء لمن بعثها من جديد، أو محاولة التقليل منها ومن أهميتها وأنها لا تمثل أي أولوية في ترتيب مطالب الناس، وأن هناك قضايا أهم وأجدر بالحل وفي هذا تسطيح لكل القضايا، فما هو التسطيح الذي نعنيه في هذا المقال؟
التسطيح المرتب له مسبقاً من قبل فئات معينة عند تناول تلك القضايا هو التبسيط والتهوين والتقليل من القضية والتهميش إلى الحد الذي يصل لنسيانها ووضعها على الرف إلى أجل غير مسمى، وقد يكون التسطيح بالتركيز على القشور والتفسيرات المشوهة للقضية وتجاوز التعمق في المضمون بغرض تغييب الوعي العام عن القضايا الهامة وجره للتعمق في قضايا سطحية وساذجة لتجهيله كي يكون تابعا للمسطحين ومؤمناً على أقوالهم وأفعالهم وبالتالي يكون سهل الانقياد والتبعية فخوفهم الشديد من انتشار الوعي لأن هذا يعني استحالة تمرير خزعبلاتهم وأكاذيبهم على البشر. خلق الأتباع من الكثرة البسطاء والسذج بهذه الطريقة والمغيبين عن التفكر والتأمل والتدبر يجهزهم لضمان حشدهم وتجييشهم للوقوف ضد المطالبين بحل تلك القضايا العالقة.
بدلا من مناقشة قضايا على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للناس. قضايا تمس حياتهم وتؤثر فيها إيجاباً أو سلباً مثل قضايا العمل للجنسين وبالذات عمل المرأة هنا تأتي محاولات التقليل من هذه القضية حين يلد الفكر المضاد عبارات هامشية بليدة مثل «المرأة لم تخلق للعمل فمكانها في بيتها» دون محاولة التعمق في القضية ودراسة نتائج بطالتها المؤثرة على الأرملة والمطلقة والمحتاجة وحرمانهن من المال الذي يساعدهن على ظروف الحياة الصعبة.
التسطيح هنا أجهض هذه القضية مثلما أجهض قانوناً يضمن سنة حماية النساء والأطفال من التحرش، ولن أقول قيادة المرأة للسيارة فهذه العبارة خلقت حساسية لدى البعض وإنما سأقول موضوع انتقال المرأة من وإلى بيتها بسهولة هل نوقش الموضوع بعمق أم توقفنا عند جزئيات سطحية وبلهاء أماتت القضية؟
كيف نصل لمجتمع ينطلق دون عوائق تقف في وجه تنميته ليكون مجتمعاً حيوياً؟ محاولات التهوين من تلك القضايا ورصدها في خانة القضايا التافهة لن يخدم مجتمعاً يتطلع لرؤية مختلفة بروح جديدة.