علي الخزيم
لو قلت إن الصحابية (رفيدة) هي صاحبة أول مستشفى ميداني، وهبت نفسها لله ورسوله وكانت لها مكانة ومنزلة عند رسول الله صلى عليه وسلم وكان يُجلّها ويحترمها، معروفة بمهارتها بالطب والعقاقير والأدوية وتصنيعها، والجروح وتضميدها والكسور وتجبيرها، تداوي الجرحى بميادين القتال، وتؤدي واجبها نحو المسلمين بأتم صورة، استهوتها حِرْفة التمريض ومهنة التطبيب والمداواة وتفوّقت بذلك واشتهرت به، إن قلت ذلك؛ قالوا: أحسنت بتتبعك لتاريخ قومك وسلفك الصالح والتذكير بهم، لكن حينما تقول (مثلاً): إن الدكتور عبد الإله الطويرقي المدير التنفيذي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون هو أول طبيب عربي يحصل على درجة (بروفيسور) من جامعة جون هوبكنز الأمريكية بولاية ماريلاند الأمريكية ـ أكتوبر 2015 ـ الجامعة العريقة التي تضم في جنباتها مستشفى جون هوبكنز أحد أرقى مستشفيات العالم! لبرز لك من يقول إنك كثير المبالغة بصور المجاملة، مثله من إذا أثنيت على لاعبه المفضل قال إنك لمن المنصفين وإن مدحت لاعب الفريق الخصم رماك بتهمة التعصب وعدم الحيادية، مع أن البروفيسور السعودي هو ابن الوطن وتلك المنطقة ذاتها موطن رفيدة وغيرها من المخلصين الأفذاذ، ممن ما زلنا جميعاً نتخذهم نبراساً نقتفي خطاهم ونترسم مسيرتهم، أفئذا كان ممّن يعيشون بيننا ويُبْدعون علماً وفكراً نيراً نبخسهم هذا الفضل ونجحد نعمة الله عليهم وهي منحة من الله للجميع فهم لا يَقْصُرون العلم على أنفسهم؛ إنما تعلموه من أجلنا، ولا ينسون نصيبهم من الدنيا كحق شرعي، بل يحق لهم المنافسة الشريفة التي لا تتعدى حقوق الآخرين أمثالهم.
من يتّهم المنصفين بالمجاملة سأزيده مما لا يعرفه، ذلك أن مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض وبقيادة الأستاذ السعودي المتخصص (الطويرقي) قد حصل مؤخراً على تصنيف المستوى السابع (HIMSS Stage7) لنظم اعتماد الملف الصحي الإلكتروني EHR الخاص بالرعاية الصحية للمستشفيات، المُندرج تحت مظلة جمعية نظم الإدارة ومعلومات الرعاية الصحية (HIMSS) بمدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، ويُعَد (الإنجاز الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط،) ومنح لدور المستشفى البارز في تطبيق أعلى معايير الجودة والالتزام بها في نظام الملف الصحي الإلكتروني، فليس من العيب أن نقول للمُخْلص المُنْجز المُتفوق (أحسنت)، وأن نبادر للثناء عليه بما يستحق، وأن لا ننتظر إلى أن يَمْضُوا حتى نتذكرهم ونتحدث عن نجاحاتهم من أجلنا، وإن كان الشكر من باب البر فخير البر عاجله.
ومن باب البر أيضاً نتذكر هنا سعوديات من الأوائل في مجالات طبية منهن د. غادة المطيري الكيميائية التي غيّرت مفهوم الجراحة في العالم باستخدام الضوء بدلاً من مباضع الجراحين وتخصصت وأبدعت في علم (النانوتكنولوجي)، والعالمة الدكتورة حياة سندي أول امرأة عربية وسعودية حاصلة على الدكتوراه في التقنية الحيوية من (جامعة كامبردج العالمية)، واستذكروا بوفاء الراحلة الدكتورة نائلة محمد فاران -رحمها الله- أول سعودية تحصل على شهادة اعتماد في الطب النووي، (تَعَرّفوا على أوائلكم وعَرّفوا بهم، وادعوا لهم بالخير).