فيصل أكرم
حين تمتلئ الكأسُ، بأيّ سائلٍ كان، سيكون للفقاعاتِ المغلقةِ الكثيرةِ فضاءٌ واحدٌ مفتوح. وحين تفرغ الفضاءاتُ المفتوحة كلها من كلّ الكؤوس، ستكون الفقاعة الواحدة سيولاً كثيرة تنفتح على بعضها، بانتظار إغلاقٍ محكمٍ يستحيلُ.
هل كنتَ تعرفهم؟
أجبتُ: وكنتُ أحسبُ أنني منهم؛
ولكن.. لم أزل
أمشي وحيداً بينهم
ولربّما
بدَّدتُ نفسي، حينما جمَّعتهم
ولربّما
لاقيتُ نفسي، عندما ضيَّعتهم.
وماذا عن الذين (قذفوكَ وحدكَ، كالرصاصة حين يكسرها الجدارُ)؟ هل اقتطفَ الغرابُ شعورهم بكَ، وطارَ كما طار كبارُهم والصغارُ؟
أجبتُ، بل:
شدَّ الزمانُ مناكبي، مني، فطرتُ
وطارَ بي
طرنا معاً يا صاحبي..
ثم ارتمينا..
في المياه العذبة الجرداءِ
قد غُصنا بها،
حتى الشراب من الترابِ
وما ارتوينا من عطَشْ
كفّايَ في كفّيْ زمانيَ
لم يكن فينا سوى قلبٍ وحيدٍ،
من تصافحنا ارتعشْ
فهو الزمانُ، وقد أضاعَ حبالَهُ
وأنا أضعتُ مراكبي
يا صاحبي.
قال: وماذا عن تلكَ التي قلتَ إنكَ أحببتها؟ هل كانت معكما؟ هل أضعتها؟ هل أضاعها منكَ زمانكَ؟ ألم تكن قد أحبَّتكَ؟ قلتُ: لا.
فسمعتُ ضحكتها تهزُّ الصخرةَ الخرساء من فوق الهضابِ؛ وكنتُ أغلقُ حولي المحرابَ في صمتٍ أخيرٍ.. قلتُ أُسمِعها الجوابْ:
أنا لستُ كالسيَّابْ
أنا لم أقل يوماً (أحبّيني).
فلتفتحي الأبوابْ
ولتخرجي
طيري تماماً
عن يدي
عن مُهجتي
عن قِبلتي، حتى، وعن دِيني.
* * *
* ملحوظة: أرجو ألا يظنّ أحدٌ بالسطر الأخير كفراً، بل فيه براءة من الحبّ المَرَضيّ الملعون، الذي يجعل من المحبّ عبداً مشركاً ومن المحبوب إلهاً طاغية.