حميد بن عوض العنزي
** التعليم الجامعي الأهلي في معظم دول العالم هو رافد أساس للتنمية البشرية.. ولدينا في المملكة يعد هذا النوع من التعليم حديث عهد، وظهر في وقت الطفرة القريبة الماضية، وكان أساس ظهوره في الغالب هو الابتعاث الداخلي، وبرزت فيه قلة من المؤسسات التعليمية التي نالت سمعة جيدة، وحافظت على مستواها الأكاديمي المتميز، إلا أن ساحة هذا النوع من التعليم لم تخلُ من وجود تعليم يشوبه بعض الضعف؛ وسبب ذلك تركيزه على الكسب المادي بشكل رئيس على حساب جودة التعليم.
** في وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام شكاوى كثيرة من طلاب الطب البشري في إحدى الجامعات الأهلية بالرياض. وأخطر ما في هذا الموضوع أنه يمس كلية الطب. ويبدو أن الوزارة اكتشفت القصور، وقامت بإيقاف القبول في كلية الطلب وفي بعض التخصصات الأخرى لمرحلة الماجستير؛ وهو ما يعني أن لدى الوزارة مبررات لهذا الإيقاف، ولكن هل هذا الإجراء يكفي؟
** وصلتني رسالة من أحد الطلاب يقول فيها: «نحن طلاب الطب البشري في.... لنا ثلاث سنوات ندرس في هذه الكلية، ووصل بنا الحال إلى تردٍّ عجيب بمستوى الكلية. عندما دخلنا قالوا سيتوافر معامل ومستشفى وطاقم طبي أكاديمي متكامل، لكن اتضح لنا بعد الدراسة أن هذا ليس صحيحًا، والخطة الدراسية للسنة التحضيرية حذفت منها مواد مثل علم الأمراض وعلم المناعة وعلم الأحياء الدقيقة وغيرها من المواد؛ بسبب عدم وجود أعضاء تدريس. وبعد الشكوى أعطونا منهج سنة كاملة في وقت قصير، وبقينا ثلاث سنوات بدون مشرحة، ومعامل لا يوجد من يشغلها.. إلخ». والرسالة أطول من ذلك.
** أعتقد أننا اليوم أمام اختبار حقيقي لوزارة التعليم في عهد الدكتور أحمد العيسى بأن تحقق وتكشف حقيقة ما يثار، وإذا ما ثبت في تقارير اللجان السابقة هذا القصور وهذه الفوضى فمن الواجب على الوزارة أن تحمي هؤلاء الشباب، وأن لا تترك أعمارهم تذهب في تعليم وهمي وخسارة في المال والعلم، وأن تعمل على إنقاذهم واستعادة حقوقهم، وليس أقل من أن تغلق مثل هذه الكلية بالكامل، ويُعوَّض الطلاب إذا ما ثبت للوزارة ضعفها وإخلالها بمتطلبات التعليم. وأتمنى من الدكتور العيسى أن يمنح هؤلاء الطلاب من وقته ليستمع لمشكلتهم التي تمس مستقبلهم، ونتمنى أن تحقق الوزارة بهذه الشكاوى بكل جدية وحيادية بعيدًا عن التأثيرات والمجاملات؛ فهي الجهة المعنية بذلك باعتبارها صاحبة الترخيص لمثل هذا النوع من التعليم؛ وعليها واجب حماية جميع الأطراف.