سعد السعود
يسدل الستار على الموسم الكروي الرياضي برعاية ملكية كريمة في ختام ينتظره الرياضيون كل عام.. كيف لا وقائد الأمة أول الحاضرين؛ ليرعى اللقاء الختامي، ويشرفه بمنظر يسر المشاهدين في صورة تؤكد تلاحم القيادة مع أبنائها الشباب، وحرصها على مشاركتهم أفراحهم بهذا العرس الرياضي الكبير.. وهل أجمل من موسم رياضي ختامه حضور سلمان؟!
ولعل أكثر السعداء هذا المساء هما طرفا النهائي، فريقا الأهلي والنصر؛ فسيتنافسان على الكأس الغالية، وسيحظيان بشرف السلام على سلمان الحزم والعزم. وحتمًا تكريم كهذا هو أيضًا تكريم لبقية الرياضيين؛ لأن الفريقَيْن الحاضرَيْن يمثلان كل أندية الوطن.. وقطعًا فإن تكبد القيادة عناء الحضور هو إيمان بأهمية الرياضة، وتقدير كبير للرياضيين.
الطرف الأول: الأهلي.. يعيش هذه الأيام أسعد أوقاته؛ إذ صافح بطولة الدوري بعد سنين عجاف؛ ليقدم هذا الموسم شكلاً مختلفًا من العطاء. ولغة الأرقام لا تكذب؛ فالفريق هو الأكثر أهدافًا بكل بطولات الموسم.. وهو كذلك الأقوى دفاعًا.. ولم يخسر في كل البطولات المحلية سوى في لقاءين، الأول أمام الهلال بنهائي كأس سمو ولي العهد، والثاني هو الوحيد بالدوري أمام نجران. عدا ذلك فالفريق كتب على كل السطور بغاية السطوع.
ولعل الاستقرار الفني في الكتيبة الخضراء آتى أكله؛ فاستمرار المدرب السويسري جروس للموسم الثاني على التوالي جعله يفهم أدق التفاصيل؛ وهو ما أهَّل الفريق ليكون منافسًا في كل استحقاق يشارك فيه؛ لتكون القلعة الطرف الثابت في كل البطولات المحلية؛ فحلت وصيفة في كأس سمو ولي العهد، ونالت الدوري بعد جهد، ولعل خاتمتها مسك هذا المساء؛ لتبلغ القلعة ذروة المجد.
لكن ربما أكثر ما يؤرق الأهلاويين هذه الليلة هو حالة الانتعاش الدائمة منذ حصد بطولة الدوري؛ فالاحتفالات يوميًّا على قدم وساق.. وإن لم يحضر الفريق كاملاً فإننا نشاهد أحد لاعبيه بالإعلام.. وإن عدمنا هذا وذاك وجدنا الرئيس أو نائبه يحاوران أحد المقدمين في أحد البرامج.. وهذا الأمر ربما يجعل الخروج من حالة الاسترخاء الذهني صعبة.. علاوة على تواتر الأنباء عن مغادرة المدرب والتعاقد مع جوميز المدير الفني للتعاون.. فهذا الأمر قد يؤثر أيضًا إن لم يكن هناك احترافية عالية في التعاطي مع الأمر.
أما الطرف الثاني: النصر.. فتبدو الأمور مختلفة عكس منافسه.. فبعدما كتب أجمل حضور في الموسمين الماضيين.. وجدناه هذا الموسم يعاني الهوان والأنين؛ فحل في الدوري بمركز لا يليق.. وخرج من بطولة كأس سمو ولي العهد من دور الثمانية.. وحتى في تمثيله الخارجي لم يتأهل من مجموعته بل أتخمت شباكه في آخر 3 لقاءات بعشرة أهداف. وحضور متواضع كهذا لم يجعل للتفاؤل لدى المحبين موطن هذا الموسم.
لكن الفريق مع كل ما سبق إلا أننا وجدناه يولد مجددًا من رحم المعاناة.. وينفض عن جسده غبار الخسائر.. فيتعالى على آلامه.. وتعود إليه ذاكرته.. فيقدم حضورًا لافتًا في كأس الملك في كل أدواره؛ ليسقي المنافسين مر الخسارة، وبنتائج كبيرة.. ويصل لليلة الكبيرة من الباب الكبير.. لتعود الثقة للفريق شيئًا فشيئًا.. وتزيد الحماسة والدافعية لدى الجماهير.. لعل ذلك ينسيهم فصول هذا الموسم العامرة بجفاف المستوى، والنادرة من مطر الأهداف الغزيرة بسحب النكسات.. لذا فالطموح عال هذا المساء؛ ليكون بكامل أناقته.. أصفر اللون عالمي النكهة نصراوي المذاق.
لكن أكثر ما يؤرق النصراويين قبل اللقاء هو حرب البيانات المشتعلة بين إدارة النادي التي أعلنت استقالتها والمرشح الجديد للرئاسة.. فلا الاستقالة كانت في وقتها المناسب.. ولا رحى الردود مفيدة في هذا التوقيت.. وكان الأولى تأجيل كل ذلك إلى ما بعد نهاية الليلة الكبيرة؛ حتى لا يخرج الفريق عن تركيزه.. ويغرق في تفاصيل كان يمكن تجاوزها لوقت لاحق.
أخيرًا، كل ما أتمناه أن يكون ختام هذه الليلة يليق بحجم المناسبة.. فتكون المنافسة مسؤولة بين اللاعبين في الملعب والجماهير في المدرج؛ لنقدم صورة جميلة لما تتمتع به رياضتنا من مستوى.. وما تقدمه من تنافس لا يخرج عن الروح الرياضية، ولا نشاهد فيه تجاوزًا.. وليتذكر الفائز فضيلة التواضع، وليبادر الخاسر للمباركة للمنتصر.. فالرياضة أجمل هكذا.. أكمل عندما نرتقي.
آخر سطر
ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع. (طاغور)