كوثر الأربش
قال الإمام علي رضوان الله عليه:
«ليس بين الحق والباطل إلا أربعة أصابع. فسُئل - كرم الله وجهه - عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثم قال: الباطل أن تقول سمعت، والحق أن تقول رأيت!»
وضعتُ مرة استفتاء في تويتر يطرح قضية الإصغاء والتصديق لمعلومة غريبة من خلال ثلاثة مصادر: الأول: مصدر موثوق وعلمي، الثاني: شخص تثق به، والثالث: حياد، لا تصدق ولا تكذب. ورغم تدني نسبة خيار تصديق الشخص الموثوق مع غرابة المعلومة-، إلا أنها نسبة كافية أن نضع القضية تحت الدراسة. الذي علينا أن نعرفه أن هذه الفئة موجودة، ليس اعتمادًا على ذلك الاستفتاء، بل لأنهم يعيشون بيننا، نصادفهم في المدارس والجامعات وأماكن العمل والبيوت أيضًا.
كيف يمكن لك أن تبني قناعة من خلال من تثق بهم، أو من خلال ما يشاع؟ إنه الكسل المعرفي بلا شك. الفضول الإيجابي هو ما يدفعك للقتال من أجل الظفر بالحقيقة. أن لا تكن أدمغتنا مكب لأفكار الآخرين، بغض النظر عن صدقها أو تزييفها، أكاذيبهم وإشاعاتهم. طالما أن هناك طرقا للتأكد فلماذا لا نفعل؟
مطلع هذا الشهر، في بادرة أجدها رائعة ومثرية، قام وفد من القطيف، مكون من 17 شخصية دينية واجتماعية وإعلامية بزيارة ميدانية لسجن المباحث العامة بالمنطقة الشرقية للاطلاع على ما يتضمنه مبنى السجن وما يقدمه من خدمات للنزلاء. شاهد الوفد النواحي الإجرائية التي تقوم بها سجون المباحث للسجين منذ إيقافه والكشف عليه وإحاطة ذويه بمكان إيقافه، وتجريد متعلقاته الشخصية وحفظها بقسم الأمانات، وتزويده بملابس جديدة وأدوات النظافة الشخصية، والتأكد من توافر المستلزمات الضرورية والصحية بمكان إيقافه. ومن ثم شاهدوا أهم البرامج المقدمة للنزلاء. كما أنه يتم تقديم إعاشة نقدية بقيمة 3500 ريال، منها للنزيل نفسه ومنها لعائلته. كما يتضمن السجن مكتبة مركزية وصحف يومية وصالات رياضية. كما أن الموقوف يتسنى له إتمام دراسته الأكاديمية بتوفير سبل التعليم العام والجامعي. هذا غير وسائل الترفيه والعناية بصحة المريض وسلامته.
ماذا لو قمنا نحن بزيارات ميدانية شبيهة لكل المواقع والمؤسسات والشركات؟ كل ما لن نعرفه من خلال النقل، يمكنا التوثق منه بأعيننا. هكذا تصبح الدراسة موضوعية. فلا خبر كالعيان.