رجاء العتيبي
شاهد سناب, واقرأ تويتر, وادخل قروبات الواتس أب, لا ترى سوى كلام في كلام: نقاشات حادة, سب وشتم, سوالف, تعليق, ضحك, منذ أن يبدأ اليوم بشروق الشمس, وحتى ينتهي بغروبها, وهم هكذا, لا يتغيرون مع الأيام ولا مع السنين, ولا مع الفصول.
كم نسبة الفعل مقابل الكلام؟ لا شيء, هذا الأمر لا يحتاج إلى دراسة ولا أبحاث, لأن الصورة واضحة أمام الجميع, ولا نعلم لماذا كل هذا الكسل أو التكاسل في تغيير سلوكنا, الكل يعلم ذلك, ولا يريد أن يتحرك, فمن المعني بالتحرك. من المعني برفع مستوى (الفعل) مقابل (الكلام).
لن نطرح هذا الموضوع للنقاش, لأن (الكلام) سيطول ويطول, فهذا أمر بارعون فيه, ولكن سنطرحه لأهل (الفعل) لعلهم يفعلون ما يمكن فعله, كيف يمكن أن يكون للفعل قيمة كبرى, كيف نحتفي به, كيف يمكن أن يكون سلوكا لنا جميعا.
في الدول المتقدمة ترى عالما يمكث 20 سنة يراقب سلوك (النمل) ما يجعل حياته (عمل × عمل) لا يكل ولا يمل, لا يضيع وقته في الكلام, وفي النهاية يخرج بمنجز إنساني يبقى على مر العصور, والبعض منا عندما يرى الطائرة في السماء يقول: «من جد اللي اخترع الطائرة واحد فاضي».
يقصد بكلمة (فاضي) أن مبدع الطائرة ما عنده شغل إلا أنه يفكر ويخترع، على اعتبار أن صاحبنا (مشغول), مشغول بماذا بالكلام (وين راحت وين جت)!!!.
من أراد أن يتيقن بأننا ظاهرة صوتية, عليه أن يذهب إلى كوريا -على سبيل المثال- ويتجول في شوارعها وساحاتها وعمايرها, سيرى الفارق الذي يصنع المجتمعات, هناك الشعب لا يتكلم إلا قليل, مقابل عمل في كل مكان, الناس هناك تعمل طوال ساعات اليوم, ليس الناس المتخصصين فحسب, ولكن جميع أفراد الشعب, ليس لديهم الوقت للكلام الفاضي.
هذا ليس جلدا للذات كما قد يتبادر للذهن, ولكنه نوع من أنواع النقد, ولو لم نقرب الصورة بمجتمعات مماثلة, لبقينا على ما نحن عليه نعيد إنتاج ذاتنا بنفس الأخطاء, ففي السفر والبعثات والاحتكاك بالشعوب الأخرى, تعرف أين موقعك, وفي أي اتجاه تسير. هل أنت في مقدمة الشعوب أم آخرها؟ فالمقارنة بالآخرين واحدة من أدوات التطوير.
ينبغي أن يكون الاحتفاء بأهل (الفعل والمنجزات) مشروع دولة, ترصد له المليارات, حتى يكون ثقافة مجتمع, عندها سيتضاءل الكلام, أمام المنجزات العظيمة, وسيصبح تويتر, وسناب، والواتس, لعبة في أيدي الصغار أقل من 3 سنوات.