د. فوزية البكر
بصدق: هل فكرتم ماذا ستفعلون بأبنائكم وبناتكم من طلاب مدارسنا السعودية الذين سيتاح لهم هذا العام الحصول على أربعة أشهر كاملة كإجازة صيف بل إن البعض منهم أصلا بدأ الحفلة سواء من طلاب الجامعات وهم أولئك الذين أنهوا مقرراتهم منذ الأسبوع الأول (في فترة مواد الإعداد العام) أو طلاب صفوف الروضة والصفوف الأولية في الابتدائية الذين بدأوا إجازتهم من أسابيع.
ماذا ستفعل هذه الملايين من الطلاب والطالبات الذين كان لديهم نظام واضح للاستيقاظ في الصباح والذهاب للمدرسة ثم العودة والركض إلى أجهزة الكمبيوتر والألعاب ثم أداء الواجبات مع بعض من المشاوير العائلية ثم يهجعون إلى مضاجعهم ليلا لتكرار الرحلة اليومية من جديد وهكذا دواليك.
نعم لم تكن رحلتهم المدرسية خلال العام الدراسي عظيمة ولا أظن طلابنا يرغبون كثيرا في البقاء داخل أسوار المدرسة ( غير الممتعة) ولكنها في النهاية تتماشى مع الأنظمة العالمية التي تحاول أن تجعل دور المدرسة يتركز في تعليم المعارف وتشكيل المهارات وتهذيب النفس والسلوك لخلق مواطنين صالحين وسعداء ووزير التعليم الحالي د العيسى مستميت في هذا الاتجاه فله منا كل الدعوات بالتوفيق.
تبقى حقيقة أن صيف هذا العام طويل جدا على الجميع. طبعا من يمتلك بيتا في أحد بقاع العالم السياحية فليس عليه أن يقلق لكن أكثر من 70% من السكان لا تمتلك حتى بيتها الوطني : بمعنى أنها مضطرة أن تبقى داخل المملكة مرغمة لا بطلة. ربما يفرون هنا وهناك لمناطق قريبة لا ترهق ميزانيتهم المرهقة أصلا لكن الوقت يبقى طويلا وطويلا إلى ما لا نهاية؟
ما الأخطار التربوية التي ذكرتها البحوث التربوية تكرارا ومرارا والتي تترتب على العطل الصيفية الطويلة بالنسبة لمعارف الطلاب ؟
1- رغم أن الإجازات الصيفية في الولايات المتحدة لا تتجاوز من 10 إلى 11 أسبوعا في الصيف إلا أن الدراسات التتبعية أظهرت بأن الطلاب يسجلون درجات أقل في الامتحانات المعيارية بعد الإجازة الصيفية مقارنة بدرجاتهم قبلها ويظهر هذا أكثر في الأطفال من أوساط اقتصادية أو ثقافية بسيطة وبين طلاب المناطق النائية والأرياف الذين في العادة لا تتوافر لديهم خدمات تربوية بالمستوى الموجود في المدن الكبرى طوال العام.
2- الرياضيات تأخذ نصيب الأسد في الفاقد حيث يصل معدل ما يفقده الطالب إلى حوالي شهرين ونصف مما درسه في مرحلته خلال العام من المفاهيم الرياضية والحسابية وأيضا يظهر ذلك أكثر في الطلاب المعرضين للخطر في المناطق الفقيرة والنائية والذين يؤثر ذلك لاحقا على تعلمهم في مراحل متقدمة وربما لا يمكنهم لاحقا من الدخول للجامعات.
3- مهارت القراءة والإملاء تتأثر بشكل كبير بما يعادل شهر دراسي مما درسه الطلاب ورغم أن شهر رمضان ومن خلال قراءة القرآن سيساعد على حفظ اللغة العربية لشهر إضافي في أذهان الكثير من طلابنا إلا أن ذلك كله سيطير بعد ذلك من الحر والنوم المتواصل.
4- أظهرت الدراسات أن المعلمين في العادة يقضون من شهر إلى شهر وأسبوع بعد العودة من إجازة الصيف الطويلة في محاولة لتدريس ما ضاع من معارف علمية ورياضية ولغوية خلال الفترة.
5- أظهرت الدراسات أنه وبقدر ما يكون الطفل خلال العام المدرسي في ظل نظام ضبط ومتابعة تبدأ من البيت ثم المدرسة والعكس، وجدت الدراسات أنه لا يوجد إشراف مباشر على الطلاب في الإجازة : فهم يتحججون بها فينامون متى ما رغبوا كما لا حدود لساعات اللعب على الأون لاين التي يشترونها ويلعبونها مع جماعات مجهولة العمر والتوجه. وحتى لو وضعت حدودا وحاولت فرضها فهل لديك بدائل ممتعة ومثيرة مثل هذه الممنوعة ؟
6- ما يفقده الطلاب من معارف ومعلومات علمية ورياضية ولغوية في فترة الصيف يرجعون فيكسبونه مرة أخرى ولكن هذه المرة ليس في عقولهم بل في أجسادهم
حيث يبقون ساعات طويلة أمام أجهزة الألعاب ولأن نومهم مضطرب وأكلهم مضطرب فينعكس ذلك بالضرورة على أجسادهم وتدريجيا على نفسياتهم
7- فترة الصيف الطويلة وبدون إشراف مدرسي وعائلي واضح بسبب ( لخبطة) جدول و نوم كافة العائلة قد يفرض أخطارا أكبر على الأطفال والمراهقين وقد يقعون في محظور المخدرات أو المشروبات أو الحبوب أو التدخين... إلخ، بسبب الفوضى العامرة لعالمنا الأسري خلال الصيف ؟ فماذا علينا أن نعمل ؟
هل لدى الدولة بدائل واضحة ؟ أنا الآن لا أتكلم عمن سيسافر شهورا لكن الغالبية ستسافر لفترات متقطعة وتعود فماذا يمكن لنا أن نعمل ؟؟
- اوجد برامج مشتركة وخاصة الأم مع أبنائها.. الفصل المتعسف بين الرجال والنساء في مجتمعنا جعل الأم نفسها غريبة عن أبنائها الذكور بعد سن الرابعة عشر فلا تعرف مع من يذهبون وماذا يفعلون. أوجدي أنشطة مع اختك أو قريبة لك واحملي فقط فرشة وقهوة واذهبي ليلا للشواء في الثمامة مع الأولاد. قد لا يحبونه أول مرة. خذي ألعابا تقليدية : اونو، ورقة، كرة... الخ ، ألعاب جماعية لكن لا كمبيوتر ولا جوال قدر الإمكان.
أشركي الأولاد في أندية الحي التي أقرها الملك عبدالله وتعمل وزارة التعليم على تفعيلها وتحويلها مراكز لكافة أفراد الأسرة بدءا من أندية المدارس..
- للأسف لا توجد برامج صيفية للأطفال والمراهقين بأسعار معقولة يستطيع أن يذهب إليها الطلاب الذين هم أكثر عرضة للخطر وهم الذين يأتون من بيئات فقيرة ومحتاجة.
هنا تأتي صدقات محسنينا لوضعها في برامج تحمي هؤلاء الأطفال والمراهقين من أخطار الملل والبيئة المحلية المزدهرة بالحبوب المخدرة وغيرها خاصة في أحيائهم الفقيرة.
الاستثمار في الصغار والمراهقين ليس فقط لإشغالهم طوال الصيف بل لأن الدراسات تؤكد أن البرامج الصيفية الإثرائية التي تقدم للطالب في سن مبكرة هي من يحدد إذا كان هذا الطالب سينهي الثانوية ويكمل الدراسة الجامعية.
هل لديكم أفكارا أخرى يمكن تنفيذها واقعيا لحل ساعات الصيف التي لا تنتهي؟
بالنسبة لطلاب الجامعة أنصحهم بالعودة لهذه المقالة ومعرفة البدائل التي يمكن لهم العمل بها في إجازة الصيف.
http://www.forbes.com/sites/robertfarrington/2014/06/26/3-simple-ways-to-make-the-most-of-your-college-summer-vacation/#1e81cb583053