إبراهيم عبدالله العمار
اذهب وهرول الآن. بماذا تشعر؟
ربما بالتعب. التعرُّق. زيادة ضربات القلب. حرارة. آثار فسيولوجية معروفة. ماذا غير ذلك؟ يأكل الجسم سكر الدم، يحرق بعض السموم الجسدية والنفسية، يفرز هرمونات تثير البهجة والراحة، وغير ذلك. كل هذه أشياء تحصل بسرعة. لكن هناك أشياء تستمر آثارها: بعد حصة رياضة قلبية (مثل المشي أو الهرولة أو السباحة أو أي نشاط مستمر يجعل القلب ينبض أعلى من المعتاد) فإنّ العضلات تأكل الغلوكوز لفترة 48 ساعة مما يقلل سكر الدم ويحسن مستويات الأنسولين ليحميك من مرض السكر أو يحسّنه إذا كنت مصاباً به.
هل هناك آثار للرياضة أطول من ذلك؟ نعم، التمارين القلبية تزيد عدد ميتوكوندريا في جسمك. ما هي هذه؟ الميتوكوندريا هي محطات الطاقة في الخلايا والتي تسمح لك أن تجري أكثر وأسرع لأنها تستخدم الأكسجين لتصنع الطاقة، فبعد 6 أسابيع من التمرين تزيد الميتوكوندريا 50-100%. الدورة الدموية تزداد كفاءة، الأوعية الدموية تزداد مطاطيتها وتصير أقدر على التكيّف مع تغيرات ضغط الدم، العضلات التنفسية (مثل الحجاب الحاجز) تَقوى، كمية الأكسجين التي يمكن ضخها للخلايا تزيد، يزيد عدد وقُطر الشعيرات الدموية المحيطة بالحويصلات الهوائية فيتحسن التنفس، تزداد قوة العضلات والأربطة والعظام، تَقدر العضلات أن تخزن كمية أكبر من غليكوجين مما يعطيها طاقة أطول، عملية التمثيل الغذائي تتحسن بعد أن يزداد تركيز الانزيمات المتعلقة بصنع الطاقة.
الرياضة مفيدة للكل، صغاراً وكباراً، لكن لماذا خصّصتُ طلاب الثانوية في العنوان؟ لأنّ لديهم فرصة ممتازة أن يستثمروا في حياتهم للسنين القادمة، وهذا بناءً على دراسة أوروبية ضخمة ذات نتائج مفاجئة. هذه الدراسة أُجريت على مليون ومائتي ألف سويدي، دَرَست الذين يتريضون والذين لا يتريضون في عمر 15 إلى 18 سنة، وظل العلماء يتابعون حياة هؤلاء لسنين طويلة، فماذا وجدوا؟
وجدت الدراسة أنّ الذين تريضوا باستمرار وقوّوا لياقتهم بين عمر 15-18 سنة (وهي الفترة التي ينمو فيها المخ بسرعة فائقة) أدّوا أداءً أفضل في الاختبارات العقلية، ولاحقاً في حياتهم حققوا نجاحات أكاديمية أكبر ممن لم يتمرنوا.
هل هذا مفاجئ؟ الرياضة المستمرة في آخر المراهقة تحسن ذكاءك وحياتك الدراسية والوظيفية فيما بعد؟ لكن علينا أن لا نتفاجأ، لأنّ الرياضة نبعٌ هائل من الفوائد، بعضها - كما نرى هنا - لا يمكن توقعه!