د.عبدالعزيز الجار الله
لا أقول إن الجامعات وبالتالي مؤسسات التعليم العالي هي بذاتها مسؤولة عن البطالة الجامعية أو زيادة نسبة البطالة، هذا القول ليس دقيقا، لكن بعضا من مديري الجامعات ووكلاء وكالة الشؤون التعليمية وعمداء القبول والتسجيل وفي دائرة أكبر مجالس الجامعات ومجلس التعليم العالي قبل وبعد دمج وزارة التعليم العالي، كان هؤلاء لهم الدور الكبير في زيادة أرقام البطالة عبر قبولهم في افتتاح، واستمرارهم في تخصصات لا تناسب متطلبات سوق العمل، وكرروا هذه الأخطاء منذ أن كانت الثمان الجامعات (الأم) ثم جامعات المناطق وأخيرا جامعات المحافظات. تخصصات توقف الطلب عليها واكتفت جهات الطلب والاستيعاب منذ أكثر من (10) سنوات وبعضها وصل الاكتفاء منذ (20) سنة، وبالمقابل استمرت الجامعات السعودية في ضخ والدفع بخريجين لا يحتاجهم سوق العمل، ووزارة الخدمة المدنية تشعرهم سنويا بقوائم الانتظار من تخصصات لا قبول لها في خريطة التعيين بالوزارة ولا في القطاع الخاص لكن العملية استمرت في التراكم، ولحل المشكلة ووقف نزفها لابد من النظر إلى التطورات الآتية:
أولا: بدأت أزمة المقاعد الجامعية وعدم استيعاب الخريجين من الثانوية قبل عام الألفين، واتهمت وزارة التعليم العالي حينها وزارة التربية والتعليم بتخريج أعداد كبيرة تأهيلها ضعيف فأوجدت الجامعات عدة أنظمة وبرامج منها اختبارات القياس والسنة التحضرية لكن هذه لم تحد من أعداد المتقدمين للجامعات وهي زيادة طبيعية في السكان، وفي المستوي المعيشي الذي شجع على الاستمرار في التعليم.
ثانيا: أوجدت حلول في بداية عهد الملك عبدالله يرحمه الله من عام 2006 هي: إنشاء برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي الذي استوعب (150) ألفا من المبتعثين، إنشاء برنامج الابتعاث الداخلي المنح الدراسية في الجامعات الأهلية السعودية، فتح جامعات وكليات وأقسام جديدة، استكمال بناء بعض المدن الجامعية والمجمعات الأكاديمية، بناء كليات عاجلة للبنات في معظم المحافظات المشمولة بالخدمة الجامعية التوسع في كليات المجتمع، والتعليم عن بعد، وإنشاء الجامعة الإلكترونية.
ثالثا: تم حل القبول كأرقام تقريبا لكن فتح ملف وقف التخصصات غير المطلوبة من سوق العمل لم يفتح واستمر تخريج طلاب غير قادرين على الدخول إلى سوق العمل.
زاد من تعقيدات المشكلة التذبذب في سوق النفط ودخولنا في دورة الركود الاقتصادي، والتي أثرت على مشروعات وبرامج الجامعات لكن لا يعني الاستمرار الخاطئ في تخصصات غير مطلوبة من سوق العمل الحكومي والخاص من أجل خطط جامعية أو عدم استجابة الجامعات لمتطلبات سوق العمل.