تركي بن إبراهيم الماضي
كلما بدأت الإجازة الصيفية تزيد معاناة الأسرة مع أطفالها ومراهقيها. المعاناة تأتي في الفراغ الذي يعيشه الأبناء خلال فترة راحة طويلة، تصل إلى ثلاثة أشهر، وقد تزيد، كما هو الحاصل هذا العام.
هذه الراحة تجلب الكسل، وهو ما يجعل الفتى أو الفتاة يردد كلمة «طفش» في كل لحظة، وفي كل موقف. هذا «الطفش» يعبر عن فراغ هائل، داخل نفس المراهق، نتيجة وجود طاقة شابة، تود الحركة دائما، ولا يهم ما نوعية هذه الحركة، طالما أنها تستنزف مخزون الطاقة الهائلة لدى الشباب والبنات على حد سواء. يؤدي ذلك إلى أن يبحث الفتى أو الفتاة عن مجالات لإفراغ هذه الطاقة، إذا لم يكن هناك مبادرة من الوالدين، للتوجيه والسيطرة على حركة المراهق أو المراهقة في هذه المجالات.
كل أشكال السلوك الخاطئ والمشين سببه هذا «الطفش». الفتى الذي «يفحّط « بسيارته، البنت التي تنشر سنابات معيبة، أو من يُنشئ وسم «هاشتاق» إلحادي أو كفري على الشبكات الاجتماعية.. إلخ.
أشكال السلوك المشينة هي صرخة مراهق أو مراهقة لإثبات وجوده، ولفت النظر إلى شخصيته. هو / هي لا يرى في سلوكه إلا أنه يملأ الفراغ في حياته. لذا، هو أو هي في لحظة المحاسبة الحقيقية عن سلوكهم المشين، تبرز الإجابة المنتظرة :»كنّا نتسلى»!
هم فعلاً محقون في ذلك، لو كانت لديهم المجالات الطبيعية، لتفريغ طاقاتهم، بما يفيد أو بما يحقق لهم المتعة، دون إساءة لأنفسهم أو أهليهم أو للغير، لما كان لهم أن يبحثوا عن مجالات، لا يدركون عواقبها المخزية، إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس.
كيف يمكن إذن خلق مجالات مفيدة ومرغوبة للشباب والبنات ؟
أروي هنا تجربة شخصية: كنت قد عشت قرابة العام في الولايات المتحدة. كنت أسكن مع عائلة لديها ثلاثة مراهقين. في أول أيام الإجازة الصيفية، ظننت أن نظام المنزل سينقلب رأساً على عقب، كما يحدث في منازلنا، يصبح الليل نهاراً، وتصبح وجبة العشاء وجبة إفطار. الذي حدث كان مذهلا، على الأقل بالنسبة لي. استيقظت صباحا، ولم أجد أحداً. خرجت من المنزل للذهاب لإنجاز ارتباط مسبق. عند عودتي، وعلى مائدة العشاء، علمت من الوالدين، أن البنت الصغيرة في المخيم الكشفي، والابن يتمرن مع فريق السلة، أما البنت الكبرى فقد التحقت بنشاطات نادي الكيمياء بالمدرسة!
لم يتغير عليهم شيئا، في نظامهم اليومي المعتاد. لم تكن الإجازة إلا فرصة، لأن يمارس الابن أو البنت ما يود ويحب أن يمارسه، في أوقاته المتاحة، وإجازة الصيف هي الفرصة الحقيقية لممارستها.