د.عبدالعزيز الجار الله
تحت أي مبرر الإرهاب أو الأمراض النفسية أو الانتقام ليس مقبولاً هدم الأسرة وتدمير بناء المجتمع في حوادث قتل الأبناء للوالدين والأشقاء والأقرباء, وهي مسؤولية الجميع: الدولة، والمجتمع، ومؤسسات التعليم، والأمن، ومؤسسات التشغيل، ومحاربة البطالة. لا أحد ينكر أن المنظمات الإرهابية: القاعدة، داعش، حزب الله، الجماعات الإيرانية، والجماعات المتطرفة. تعمل على توظيف الشباب بسن المراهقة (17 - 22) سنة وهذا السن مكانه الحقيقي مقاعد الدراسة أواخر المرحلة الثانوية، السنة التحضيرية، الدراسة الأكاديمية في الكليات، أو العمل والوظيفة، أما أن يكون في الشوارع عرضة للجماعات الإرهابية وعصابات المخدرات وعصابات الجريمة والأزمات النفسية ونقول ماذا حدث لأولادنا، فهذه أزمة تخطيط و(التعامي) وغض الطرف الذي يجب أن يكون مفتوحاً على كل القضايا.
الإرهاب يجد بيئته الخصبة في مثلث: الجهل والفقر (الحاجة) والإهمال. ونحن بلا قصد نوفر مثل هذه البيئات عبر تطويل الإجراءات ونقص بعض الأنظمة واللوائح التنظيمية، وعدم أخذ التخطيط بجدية حتى إنها إدارة مهملة في معظم القطاعات، وتخضع للدمج والإزالة في بناء الهياكل التنظيمية باعتبارها من الزوائد الوظيفية، هذه الأضلاع الثلاث يمكن مشاهدتها بصورة واضحة عبر المحاور التالية:
أولاً: التعليم الجامعي: وضعت الجامعات تنظيمات طويلة ومركبة حتى لا أقول معقدة لدخول الطالب إلى الجامعة، تبدأ من المعدل التراكمي في المرحلة الثانوية، اختبارات القياس المتعددة والمتوالية، اختبارات القدرات أكثر من مرة، والاختبار التحصيلي، ثم فرز المسارات، ثم السنة التحضيرية، ثم فرز الكليات وأخيراً التخصصات، وأغلب الطلاب لا يدخل التخصص الذي يرغبه ويتوافق مع تأهيله بسبب رفع معايير قبول التخصصات، ومحدودية مقاعد التخصصات الإستراتيجية التي يحتاجها سوق العمل، وهذا يولد إحباطات عامة واستياء ثم بطالة تعليمية وثقافية تتراكم فيه الأجيال المحبطة.
ثانيا: التطويل بالإجراءات: وأبرز مثال لها الإسكان (المسكن) الذي يشكل الخلية الأم للأسرة التملك أو قيمة الإيجار المقدور عليه (فيلا أو وحدات أو شقة)، فمن منتصف الثمانينات الميلادية ونحن ندور في دوامة وزارة الإسكان، وهيئة الإسكان، والصندوق العقاري، وقروض البنوك المعجلة والمسرعة، وأرض وقرض، ومازلنا نراوح في نقطة الصفر بلا حلول، وهذا يصبّ في مثلث بيئة الاحتقان.
ثالثاً: الإهمال في معالجة القضايا الاجتماعية الساخنة من بطالة، وأزمة سكن، وعدم معالجة الاحتياجات العامة. ووضع القضايا الاجتماعية الساخنة على الرفوف، أو داخل الأدراج، أو في خزانات الحفظ الإلكتروني وأرشفة الحاسب، هي التي تزيد في خلق بيئة الإحباط التي يستفيد منها الإرهاب من بابها الوسيع.