د. عبدالواحد الحميد
التغيرات التي يمر بها المجتمع السعودي حملت بعض السلبيات التي يجب التنبه إليها قبل فوات الأوان. وقد كانت الأرقام التي ذكرتها رئيسة جمعية «مودة» الخيرية في حفل أُقيم في جدة مؤخرًا مقلقة، وهي تشير فعلاً إلى حجم التغيرات التي حدثت في مجتمعنا في العقود الأخيرة. فقد ذكرت أن حالات الطلاق تزايدت حتى وصلت في الوقت الحاضر إلى أربعين في المائة من عقود الزواج، كما أن ستين في المائة من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى للزواج.
ربما أن هذه الأرقام ليست جديدة تمامًا؛ فوسائل الإعلام تتداول مثل هذه الأرقام المفزعة، وكانت وزارة العدل قد أصدرت إحصائية أشارت فيها إلى أن حالات الطلاق في عام 1435هـ بلغت 54471 حالة، في حين بلغت حالات الزواج 77512 حالة، أي أنه كانت هناك سبع حالات طلاق مقابل كل عشر حالات زواج في ذلك العام!
مشكلة الطلاق - للأسف - لا تحظى بالاهتمام اللازم من الناحية الفعلية، بالرغم من كثرة الحديث النظري عنها والنقاش حولها. صحيح أن هناك بعض الجمعيات الأهلية التي تقدم النصح للشباب أو الشابات المقدمين على الزواج، أو أولئك الذين تتعرض حياتهم الزوجية لخلافات تنذر بالطلاق، وهي جهود مشكورة بكل تأكيد، لكن تفاقم المشكلة يحتم إيجاد معالجات أكثر فعالية وعمقًا.
هذه المعالجات المطلوبة يجب أن تشترك فيها جهات حكومية وأهلية وأكاديمية ودينية، إضافة إلى الجهات الإعلامية التوعوية. ولا بد أن تنطلق تلك المعالجات من فهم حقيقي لأسباب وقوع حالات الطلاق؛ لأن تشخيص الداء هو الخطوة الأولى لوصف الدواء المناسب.
لقد كنا نسمع عن حالات الطلاق المرتفعة في البلدان الصناعية التي تسودها النزعة المادية؛ إذ وصلت نسبة الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 53 في المائة عام 2011، كما وصلت في بعض البلدان الصناعية الأخرى مثل سويسرا وبلجيكا والسويد وفرنسا واللكسمبورج إلى مستويات مرتفعة جدًّا، لكننا كنا نظن أننا بمنأى عن الأمراض الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات الصناعية التي سحقتها النزعات المادية.
إن تزايد نسبة الطلاق في المجتمع السعودي مؤشر إلى عمق التحولات الاجتماعية التي يمر بها مجتمعنا. وفي حين لا يمكن إنكار أن بعض التحولات الاجتماعية إيجابية فإن الاهتمام بالتغيرات السلبية ومعالجتها أصبح أمرًا ملحًّا؛ كي لا تتراكم ويصعب علاجها.