هذا هو اللسان وهذا هو العقل اللذان قد يدمرا أو يصلحا العالم فإما أن يكونا خيراً أو شراً يجلب الفساد والمهلكة.. وقد نشأت الحروب الإعلامية ضمن سياسات مختلفة ومآرب باطنها السموم وظاهرها الكذب والنفاق والافتراءات المتشدقة.. وثمة من المتحدثين أو الكتاب من يسبق لسانه عقله أو يسبق قلمه عقله والعكس صحيح.. فيتسرع المتحدث في بعض الأحاديث خاصة عندما يكون أمام ملأٍ من المشاهدين والناس أو حتى في حوار مع شخص أمامه يتحدث بطلاقة قد لا يدرك ما يقول وهذا سبق لسانه عقله وعندما يدرك أبعاد حديثه أو كتاباته ويكون متزن الأسلوب ومرتباً ومنظماً وهذا نوع من أنواع القوة الناعمة وتكون الرسالة فيها واضحة وتصل للمتلقي بمفهوم واضح جداً بل يتقبله الآخرون وهذا الشخص هو من يسبق عقله لسناه أي يفكر ويتأنى في اختيار الكلمات والجمل والعبارات الهادئة ثم يضع أبعاد ماقد يتسببه حديثه أو حواره... وهؤلاء نادراً ما يخطئون.
وهناك نوع من المتحدثين أسميهم «بالهمجية» يمتازون في حديثهم بالحماقة والعشوائية ألسنتهم تسبق عقولهم سواءً في الخطابة أو الحوار مع الآخرين أو في الكتابة.. ساعة يهاجم وساعة يهدد أو يدافع.
لا كلام متزناً ولا حديث مرتباً وكأنه في غابة موحشة كأنه طرزان على غفلة حاله يقول أنا ومن خلفي الطوفان.
ولا يريد إلا أن يكون متصدراً ومنتصراً سواءً على حق أو باطل.. فهؤلاء هم من دمروا العالم بفكرهم العقيم والذين ضلوا الطريق فجلبوا للمجتمع الأزمات والمحن والفتن.
وما الله به عليم..وهؤلاء الصنف من الناس هو من يسبق عقله لسانه أو قلمه ومثل هؤلاء الأشخاص ينبغي تجنب الحديث أو الحوار معهم لأنه يعد مهلكة وضياعاً للوقت وساء سبيلاً...
والعاقل هو من يجعل عقله يسبق لسانه يزن الأمور بعقلانية ويختار أفضل الجمل والكلمات المقبولة والتي يستأنس معها الحضور ويكون الاحترام والتقدير حاضراً طوال حديثه وهذا تجده حريصاً على كل كلمة أو حرف ينطقه حتى لا يندم عليه.. فليتنا عند حواراتنا وأحاديثنا أن تسبق عقلنا ألسنتنا... وقد جاء في الحديث الشريف.
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: ألا أُخْبِرُكَ برأسِ الأمْرِ وَعمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنامِهِ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! قال: رأسُ الأمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهادُ، ثم قال: ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلكَ كُلِّهُ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! فأخذ بلسانه ثم قال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قلت: يا رسول اللّه! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟
فاحذر أن يسبق لسانك عقلك.