في أواخر شهر شعبان من العام 1418، وبينما كنت أقوم بمهام عملي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فإذا بمكالمة هاتفية من الأستاذ حسن الجاسر، مدير عام مكتب سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آنذاك، يبلغني باختياري لإلقاء كلمة أهالي المنطقة الشرقية في حفل سيقام بمناسبة عودة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز- رحمه الله- من رحلته العلاجية، سعدت جداً بذلك، وطلبت من الأخ الجاسر نقل شكري لسمو الأمير لذلك التشريف، الذي يُعطيني فرصة تمثيل أهالي المنطقة في الاحتفاء بالأمير سلطان، وعقدت النية والعزم، على إعداد مادة لكلمة تليق بالمحتَفى به - رحمه الله-، ومن ذلك المنطلق، نظرت إلى الموضوع على أنه «مشروع» إعداد كلمة، وليس فقط «صياغة» كلمة، ورأيت أن أجعل النثر والشعر يلتقيان في سلطان.
وقد لقي الأسلوب الذي اتبع في إعداد الكلمة، الكثير من الإطراء والثناء، فقد كان أسلوباً مختلفاً جداً عن الطريقة التقليدية التي تُصاغ بها الكلمات في مثل تلك المناسبات. وألقيت الكلمة أمام الراحل -تغمده الله بواسع رحمته-، مساء الأحد العاشر من ذي القعدة 1418. وقد تمكن معد الكلمة من إمزاج النثر بالشعر الذي جاء في الراحل، بالتعاون مع أحد الأساتذة الشعراء في الجامعة- يرحمه الله-. وفي التالي أمثلة لذلك.
بدأت الكلمة مرحباً بسموه، ومنوها عن توافد أهالي المنطقة الشرقية لاستقباله، فرحين بأن من الله على سموه بالشفاء، وعبرت عن مشاعري الشخصية باختياري للحديث نيابة عنهم بالقول:
أخبرت أمس بأنني
باسم الأحبة والأهالي
سأقول قولاً بالحقيقة
لا بأوهام الخيال
وشكرت ربي أن ما في القلب
يفصحه مقالي
وعند الحديث عن دور سموه في رسم السياسات الداخلية والخارجية للمملكة، جاءت هذه الأبيات:
لكم دور سياسي حضاري
نما في ظل أفذاذ كبار
فوالدكم حباكم من رؤاه
حصافة حكمة مثل الدراري
و عاصرتم رجالات عظاماً
وفاوضتم بحكمة مستشار
وساهمتم وشاركتم طويلا
ولاة الأمر في صنع القرار
وعند الحديث عن تقديمه- يرحمه الله- لأبناء المنطقة الشرقية هدية تمثل أحد مشاريع مؤسسة سموه الخيرية، وهو مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية (سايتك) جاءت هذه الأبيات:
سلطان أوليت الشباب
رعاية منكم وعونا
فتحقق الأمل الذي
غمر الربى ظلّا وأمنا
منكم تدبر قائد
والحب والإخلاص منا
وعندما جاء الحديث عن خدمة البيئة والحفاظ عليها، وكيف وفق سموه- يرحمه الله- في تحقيق أهداف الوطن في التوازن البيئي، وكيف نجح سموه كرئيس لهيئة الحماية الفطرية في إعادة الكثير من رموزها، جاءت الأبيات التالية:
حياة الخلق فطرية
ببادية ومحمية
فلا صياد يلحقها
لقصد سيىء النية
حمايتها بأسوار
ستبقيها لنا حية
وعند الحديث عن الأعمال الإنسانية التي سجّلها التاريخ لسلطان الخير- يرحمه الله-، والتي يأتي على رأسها تأسيس سموه مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، جاءت هذه الأبيات:
بيض الأيادي فيضها رباني
في الجانب الأبوي والإنساني
لسموكم فيها مآثر جمّة
هو أول في البر والإحسان
كم من مصابٍ قد دعا لسموكم
بسلامة وبصحة وأمان
دُمتم ودامت نفحة أبوية
تمحو بقايا الهمِّ والأحزان
أما الخاتمة، فقد نقلت فيها مشاعر الوفاء لأهالي المنطقة الشرقية، للأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز والأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، لما قدموه للمنطقة الشرقية من عطاء اقترن بأسمائهم، سيسجله لهم التاريخ، وستظل آثاره باقية في موازين أعمالهم الخيرة. وجاءت الأبيات التالية:
سرتم على نهج السلف
فلأنتم نعم الخلف
لبلادنا خدماتكم
ووفاؤكم أسمى شرف
كل الأهالي خلفكم
نحو العلى صفاً فصف
رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رجل المآثر الجليلة، رجل الفكر الصائب وسعة الصدر، الرجل الذي كان يعرف الحال والمآل، لما يطمح إليه الوطن، الرجل الذي ساهم في صياغة ورسم الكثير من سياساتنا الداخلية والخارجية، سواء كان ذلك عند رسم تلك السياسة، أو عند ولادتها، أو عند شهادته عليها- يرحمه الله-. جعل الله كل ذلك الصنيع في موازين حسناته، وأسكنه فسيح جناته.