أبها - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد الدكتور سعيد بن مرعي السرحاني أستاذ الفقه بجامعة الملك خالد بأبها أن لخطبة الجمعة أثرا عظيما يهم كل مسلم؛ وأن مما ميّز الله خطبة الجمعة عن غيرها من أنواع الوعظ والتعليم أنه لا خيار للمكلف في الغياب عنها بل ولا التأخر عنها؛ إذ قد رغب النبي- صلى الله عليه وسلم في التبكير إليها والتهيؤ لها بالاغتسال والتطيب ونحوه ليحصل للمكلف أكبر قدر من الاستماع إليها وتلقيها، بل ورُتّبت الأجور العظيمة على التبكير والحضور إليها، وتحصيل المصلي فضل وقت الدعاء الذي يكون أحرى بالإجابة إن دعا في وقتها، كما توعد من تخلف عنها لغير عذر، كل هذا وغيره من أنواع تعظيمها؛ يحمّل الخطيب أمانة عظيمة وواجباً من أعظم الواجبات في العناية بها؛ وتدفعه لإتقان خطبته وتقديمها للمصلين في أفضل صورة وأقوى رسالة من خلال مضمونها، ووسيلتها، ورسالتها المناطة بها.
مشدداً على أن أول ما يجب عناية الخطيب به أن يستعد للخطبة قبلها بوقت كافٍ فيتجنب الارتجال والإهمال، ارتجال موضوعاتها وعدم العناية باختيارها، أو الإهمال في إعدادها ومضمونها؛ بحيث يجب أن يكون مضمون خطبة الجمعة مناسباً لمجتمع المصلين وبيئتهم؛ فإن لكل بيئة ما يناسبها ألا ترى: حدثوا الناس بما يعرفون؛ فإن مخاطبة الناس بما لا يحتاجونه أو لا ينفعهم أو يفهمونه فهما غير المراد يكون لبعضهم فتنة.
وأشار الدكتور سعيد السرحاني إلى أن من أهم المهمات وأول الواجبات التي يجب أن يطرقها الخطيب هي قضية التوحيد فلا يغفل الخطيب عن تذكير الناس بها وتكرارها، وينبغي أن يكون ذلك في ثنايا خطبته بأساليب شتى تارة بالنصوص، وتارة بالقصة وتارة بربطه بموضوع الخطبة أياً كان موضوعها، كما ينبغي للخطيب ألا يطغى جانب من جوانب الموضوعات على جانب آخر فيلزم بعض الخطباء جانباً واحداً في جميع خطبه؛ لأن من الناس من يستجيب للترهيب مثلاً، ومنهم من تكون استجابته للترغيب والفضائل، ومنهم من ينتفع بالقصص وهكذا، وإن أولى ما يحصل به الخطيب كمال الخطبة وجمالها وقوة مضمونها: تضمينها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة وكلام الأئمة المتقدمين؛ فإنها تخاطب القلوب وتصلها بالله؛ لأن عليها نوراً من أنوار الوحي والنبوة، وإن مما يضعف الخطبة حشد الكلام الإنشائي وتكلف السجع والتقعر باستعمال غريب اللغة؛ مما لا يفهمه غالب المصلين والانشغال عن موضوعها الرئيس والاستطراد فيما لا صلة له بموضوعها، مع ما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- من أحاديث تدل على سنية تقصير الخطبة فإن المقصود: التقصير الذي يستوفي معه الخطيب إيصال رسالته، ويوصل المقصود فإنّ قِصر الخطبة وطولها أمر نسبي؛ ينبغي ألا يغلب على مضمونها ويخل بفائدتها المقصودة، كما ينبغي للخطيب أن يحسن المدخل إلى خطبته فإن لحسن دخوله في الموضوع أثراً في لفت انتباه المصلين للخطبة وتركيزهم وفهمهم لما يبتدئ به خطبته ويشدهم إليه، ومثل ذلك خاتمة خطبته فإنه ينبغي أن يجمع في ختام خطبته ما يمكن أن يكون الرسالة التي يريد إيصالها للناس مع خطوات عملية تبقى في ذهن المصلي أكثر من مجرد الوعظ العام.