المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
نبه الدكتور عبدالرحيم بن محمد المغذوي أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً إلى ظاهرة انتشار الاستراحات في العالم والتي انتشرت معها ثقافات متعددة وأفكار متنوعة وبالتالي سلوكيات متباينة، وفي نفس السياق انتشرت الاستراحات الإلكترونية والمنتديات الرقمية وانتشر معها العديد من الناس الذين يحملون أفكاراً وثقافات وقيماً ومناهج وسلوكيات مختلفة.
وقال الدكتور عبدالرحيم المغذوي في حديثه لـ»الجزيرة»: إن هناك تشابهاً كبيراً بين الاستراحات العادية والإلكترونية، بل إن الاستراحات الرقمية تزيد عن ذلك بنماذج من البشر لا يكتبون ولا يعرفون ما يدور في العالم بشكله الكامل فتجدهم خبط عشواء كيفما اتفق، وهنالك أنواع كثيرة جداً من الاستراحات الرقمية في العالم تجد فيها كائنات حية بشرية دقيقة وغليظة مختلفة في الطول والعرض والارتفاع ومتفاوتة جداً في العلوم
والعقول والأفكار والثقافات لكن مشكلتهم الكبرى اختلافهم في المناهج والمسالك والآراء والاتجاهات الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية أيضاً وكل ذلك وارد لكن الإشكال يكمن في أنماط معينة من البشر التي تقطن تلك الاستراحات الرقمية لا يرون إلا رأيهم ولايؤمنون إلا بمنهجية وفكر وثقافة الجماعة التي يحبونها ويعشقونها ويرونها مقياساً للصحيح أو الخطأ في الآراء، وبالتالي تجد التنمر والجهوزية للانقضاض على أي رأي يخالفهم وينصبون الشباك ويتصيدون في الكلام ويتداعون في مابينهم ويركضون خلف بعضهم البعض، كل ذلك وغيره الكثير من السلوكيات السيئة من أجل عيون الجماعات والفرق والتيارات والأحزاب والتنظيمات المؤدلجة والرايات المختلفة التي يؤمنون بها ظاهراً أو باطناً وبشكل علني أو خفي.
وأضاف قائلاً: لذا تجد في هذه النوعيات من الاستراحات الرقمية في العالم التشفي، والتشهي، والتخفي، والتمني، وكل ذلك مرده إلى الجهل بحقيقة الإنسان في الحياة وموقفه من الحق أو الباطل والصحيح والخطأ والاستقامة والانحراف، وستجد المزيد من الأشكال المؤدلجة والنماذج المتهافتة تلبس أثواب النصائح والتوجيهات لكن قلّما تجد العاقل الرشيد فيما بين تلك الرقميات واللوغاريتمات، مشيراً إلى أن الأسباب الحقيقية وراء كل ذلك ربما لو عرفته لوجدته مخجلاً ولذا لا تسل عنه فالكائنات الحية الدقيقة التي تنفث سمومها وشرورها في الهواء الطلق كثيرة جداً ربما لتقتات على رحيق الآخرين وربما لتبرز جلودهم الجديدة بعد أن انسلخوا من القديمة وربما لأسباب أخرى كثيرة جداً.
واختتم الدكتور المغذوي حديثه بأن الاستراحات الإلكترونية والمنتديات الرقمية فاقت في شؤونها وشجونها الاستراحات العادية التي أعقبت ميراثاً سيئاً للغاية في القيم والتفكير والثقافة المجتمعية، ومن هنا هل نعدم الخير وسط حطام الرقميات، وهل ستعيق يوماً عيون القطط العمياء الذين يسيرون في الطرقات؟ لا أبداً لن نعدم الخير فالخير موجود بحمد الله تعالى.